هو مطران «البحيرة» و«مطروح» و«المدن الخمس الغربية» لذلك فهو يغطى روحياً وكنسياً مناطق واسعة من غرب «الدلتا» حتى المدن الليبية، ولقد برزت أهميته الزائدة عندما تولى دوره التاريخى ليكون قائمقام بابا الأقباط بعض رحيل البابا «شنوده الثالث» وفى الفترة الدقيقة التى امتدت حتى تنصيب البابا «تواضروس الثاني» حيث قام ذلك الحبر الدينى بدوره «بامتياز مع مرتبة الشرف» فلقد انتقل بالكنيسة من مرحلة إلى مرحلة وتمكن من إغلاق ملفات الصراع الداخلى بين الأساقفة من ورثة البابا الراحل، ولأنه كان مدعوماً «بنظرية الاختيار الإلهى» لآباء الكنيسة، فقد استطاع أن ينجو بها من الأنواء والعواصف وأن ينتقل بها إلى بر الأمان فى ظل ظروف صعبة كان يواجهها الوطن والكنيسة معاً فى وقت واحد، لذلك جرى أحياناً الحديث عن أوجه الشبه بين رئيس الجمهورية الانتقالى المستشار «عدلى منصور» وقائمقام بابا «الكنيسة الأرثوذكسية المصرية» الأنبا «باخوميوس» فكلاهما تحمل العبء الصعب فى مرحلة شديدة الحساسية بالغة التعقيد،
ونجح الاثنان- مع الفارق فى طبيعة المسؤولية وحجمها لدى كل منهماـ فى الخروج من النفق ناشرين حولهما أجواء المحبة والمودة، تاركين آثاراً لا تنسى، رغم قصر مدة كل منهما فى موقعه، وعندما دعا رجل الصناعة الدكتور «نادر رياض» كوكبة من المسلمين والأقباط إلى حفل تكريم البابا «باخوميوس» عند انتهاء مهمته الكبيرة وقفت يومها متحدثاً وقلت له (يا نيافة الأنبا إنك تدخل تاريخ الآباء الكبار فى الكنيسة القبطية المعاصرة باعتبارك «البابا بغير رقم» لأن ما فعلته لتلك المؤسسة الدينية الوطنية لا يقل عما فعله الآباء السابقون فى تاريخ الكنيسة المصرية)، وتربطنى بالأنبا «باخوميوس» صلة وثيقة منذ أن كنت مرشحاً «لمجلس الشعب» عن مدينة «دمنهور» فسعيت إليه- شأن غيرى من المرشحين المتنافسين- وشكوت له يومها من حالة الانقسام حتى بين المؤيدين لى فقال لى إن هذه طبيعة البشر، وأضاف أن «أقباط دمنهور» أيضاً لديهم تعددية وتنوع، فقد عاش فيها الأب «متى المسكين» بتاريخه المتميز وشهرته الواسعة بين الأقباط، حيث كان يملك صيدلية فى «ميدان الساعة» باعها إلى «د.عدلى رفلة» عندما اختار «سلك الرهبنة»، كذلك فإنها المدينة التى عاش فيها البابا «كيرلس السادس» فترة من صباه وشبابه، وعاش فيها البابا «شنودة» مع أخيه الذى كان يعوله ويعمل فى تلك المدينة بعيداً عن موطنهما الأصلى فى صعيد مصر، كما أن رجل الدين المسيحى الذى أثار جدلاً كبيراً فى الأوساط المسيحية والإسلامية فى السنوات الأخيرة وأعنى به القس «زكريا بطرس» هو الآخر من «دمنهور»،
وأضاف لى رجل الدين الهادئ الوقور قائلاً: هذه هى شرائح المجتمع الواحد فالتعددية من خصائص الحياة والتنوع من أسرار الوجود، وما أكثر ما سعيت إليه فى مكتبه «بكنيسة المزرعة» «بدمنهور» أتحدث معه وأستمع إليه وهو يشيد بالوحدة الوطنية ويدعو إلى نبذ الفتنة ويحرض على التعايش المشترك، وكلما التقيته فى مناسبة عامة تجددت بيننا أواصر المحبة وروح الصداقة، وبعد أن ألقيت كلمتى فى الاحتفال بالذكرى الأربعين للبابا الراحل «شنودة الثالث» اتجهت إلى قائمقام البطرك فى مقعده وشددت على يديه متمنياً له التوفيق فى مهمته الصعبة ودوره التاريخى، وقد أرادت القرعة الإلهية أن يكون البابا الجديد تلميذاً مباشراً له، حيث عملا سوياً لسنوات طويلة وحملا نفس القيم وذات المبادئ فى إطار روحى زاهد يعيد إلى الأذهان ورع البابا «كيرلس السادس» وتقواه ممتزجاً بفطنة البابا «شنودة الثالث» وثقافته.. تحية للأنبا «باخوميوس» ليمتد عمره فى خدمة الكنيسة والوطن.
جريدة المصري اليوم
6 أغسطس 2014
https://www.almasryalyoum.com/news/details/496202