هو ابن «طرابلس لبنان»، وهو رئيس الوزراء المستقيل والمكلف برئاسة وزارة تسيير الأعمال لحين يتمكن السيد «تمام سلام» من تشكيل حكومته لأن المعادلة اللبنانية صعبة وتخضع لمواءمات وتوازنات تتصل بالطوائف الدينية والقوى السياسية، والسيد «نجيب ميقاتى» قامة وقيمة على مسرح الحياة السياسية اللبنانية، ابن واحد من بيوت الشمال التى قدمت للوطن اللبنانى من قبل الشيخ «عبدالحميد كرامى» وابنيه «رشيد» و«عمر»، وكلاهما ترأس الوزارة اللبنانية، كذلك فإن «نجيب ميقاتى» رجل أعمال مرموق حقق ثروته من خلال اجتهاده فى ميدان الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ولقد بدأت علاقتى بذلك السياسى اللبنانى الكبير عندما دعا بعض المثقفين المصريين منذ سنوات إلى ندوة أقامتها جمعية «الوسطية» التى أنشأها وترأسها، وكنا ثلاثة من «مصر»ـ على ما أتذكرـ الدكتوران «عمرو الشوبكي» و«سيف الدين عبدالفتاح» وأنا، وقد رأيت من الرجل ترحيباً حاراً وخلقًا دمثاً وحفاوة بضيوفه المصريين وغيرهم من الأشقاء العرب، وظللت أتابع خطوات «نجيب ميقاتى» وهو يشكل الحكومة للمرة الثانية إلى أن رشحتنى «مصر» أميناً عاماً لجامعة الدول العربية عام 2011، وكان علىَّ أن أطوف معظم العواصم العربية بطائرة خاصة استأجرها لى بعض الأصدقاء من رجال الأعمال حباً فى مصر وحرصاً على المنصب، لأن الخارجية المصرية لم تحرك ساكناً لدعمى فى ذلك الوقت، وعندما وصلت إلى العاصمة اللبنانية التقيت فى الصباح الرئيس اللبنانى «ميشيل سليمان» الذى كنت قد قابلته قبل ذلك بعام أو اثنين وهو قائد للجيش اللبنانى قبيل ترشيحه رئيساً للجمهورية، حيث كنت نائباً لرئيس «البرلمان العربى»، وبعد ذلك تحركت إلى مبنى «مجلس النواب» وسعدت بلقاء رئيسه الأستاذ «نبيه برى»، ثم كنت مدعواً أنا وسفير «مصر» الصديق «أحمد البديوى» على غداء خاص بمنزل الأستاذ «نجيب ميقاتى»، رئيس الوزراء، ولفت نظرنا فى الرجل بساطته الشديدة حتى إن السيدة الفاضلة قرينته كانت هى التى تتولى شخصياً الإشراف على المائدة والحفاوة بالضيوف، ومنذ ذلك اليوم وقد ازداد إعجابى به وبتواضعه رغم أن الله قد أعطاه الثروة والسلطة معاً، ولكن النفس الراقية والروح الأصيلة تجعل صاحبها دائماً فوق المؤثرات العابرة والمظاهر الكاذبة، وتابعت فى الصحف مواقف ذلك السياسى اللبنانى فى أتون الصراع المحتدم دائماً فى الدولة اللبنانية الرائعة، والتى تدفع دائماً فاتورة غيرها وكأنما يحسدها الجميع على تألقها وتميزها، فإذا هى دائماً ساحة للمواجهات، ومركز صدام للقوى الإقليمية بل والدولية، وها هو «نجيب ميقاتى» يواجه الأعاصير والأنواء محاولاً أن ترسو سفينته على شاطئ الأمان حتى يسلم المسؤولية لخلفه ابن السياسى اللبنانى الشهير «صائب سلام»، ومازلت أتذكر من أحاديثنا مع الرئيس «نجيب ميقاتى» على مائدة غدائه أنه امتدح كثيراً الراحل «منصور حسن» وذكره بكل خير، وقال يومها: (إن ذلك الرجل أفضل اختيار للترشح حينذاك لمنصب «رئيس مصر»)، وقلت ذلك فى حينه كرسالة أمينة من سياسى لبنانى له وزنه وثقله فى حق سياسى مصرى كان له وزنه وثقله أيضاً.. تحية «للبنان» الشقيق، ولشعبها العريق، وساستها من كل اتجاه، وزعمائها من كل طائفة، فـ«لبنان» بوتقة تنصهر على أرضها فى النهاية كل القوى والطوائف والثقافات.
جريدة المصري اليوم
25 ديسمبر 2013
https://www.almasryalyoum.com/news/details/364938