يقف على قمة «الاتحاد الدولى لكرة اليد» فى مقره بمدينة «بازل» السويسرية ـ التى انعقد بها المؤتمر الصهيونى الأول عام 1897 ـ ويحمل على كاهله هموم الرياضة فى وطنه ويشارك بفاعلية مع الاتحادات الدولية الكبرى فى تحديد المسار السنوى للأنشطة الرياضية فى العالم كله ويقف على مقربة من «اللجنة الأوليمبية الدولية» مكتسباً سمعة طيبة له ولبلاده، ولمعرفة قيمة الموقع الذى يشغله فإننا نتذكر أن الرئيس السابق «للاتحاد الدولى لكرة اليد» كان وزيراً لخارجية «النمسا»، ولقد ربطتنى بـ«د.حسن مصطفى» صداقة طويلة منذ عدة عقود عرفته خلالها نموذجاً للعصامية والمثابرة، بدأ نشاطه الرياضى منذ صدر شبابه حتى تولى رئاسة «الاتحاد المصرى لكرة اليد» عدة سنوات كما ترشح أيضاً ذات مرة لرئاسة «النادى الأهلى» فى منافسة حادة مع «كاريزما» الكابتن «صالح سليم»، و«د.حسن مصطفى ينتمى إلى ذلك النمط العنيد من البشر الذى يقبل التحدى ويحفر فى الصخر إذا اضطرته الأمور، كانت زوجته الراحلة الدكتورة «ماجدة عز» نائبة رئيس «أكاديمية الفنون» والتى جمعت بين زمالتها لنا فى «كلية الاقتصاد والعلوم السياسية» و«معهد الباليه» فى وقتٍ واحد فكانت رائدة محترمة لذلك الفن الراقى، وعندما التقيته منذ سنوات قليلة ونحن نودع جثمانها فى أحد مساجد القاهرة شعرت أن الرجل يودع فصلاً هامًا من فصول حياته محتويًا ابنتهما الوحيدة التى تقطر أدباً ورقة، وعندما كنت مديراً لـ«معهد الدراسات الدبلوماسية» فى النصف الأول من تسعينيات القرن الماضى دعوت الدكتور «حسن مصطفى» رئيس «الاتحاد المصرى لكرة اليد» حينذاك ليلقى على الملحقين الدبلوماسيين الجدد محاضرة عن دبلوماسية الرياضة، وأشهد أنها كانت محاضرة قيمة ولقيت تغطية صحفية كبيرة حيث وجدت اسمى لأول مرة فى «صفحة الرياضة» وهو أمرٌ غير معهودٍ لدى إذ إن صلتى بالألعاب الرياضية لم تكن دائماً على وفاق رغم تعاطفى مع «النادى الأهلى» لأسباب تاريخية وسياسية!
ولكنى فى العموم من غير مشجعى المباريات باستثناء تلك التى يلعب فيها المنتخب المصرى ضد غيره من الفرق الأجنبية وذلك من منطلق وطنى بحت وبهذه المناسبة فإننى أتذكر المرة الثانية التى رأيت فيها صورتى فى صفحة الرياضة أيضاً عندما أجرى معى الصحفى اللامع «ياسر أيوب» حديثاً صحفياً عن الرياضة فى حياة الرئيس الأسبق «مبارك» حيث فرضت عليَّ ظروف العمل معه أن أرافقه مع زملائى الآخرين أثناء رياضته يومياً فى مبنى القوات الجوية بمصر الجديدة وكنت أذهب مكرهاً وأبدو مثار تندر للأصدقاء والزملاء وأشهد أنها كانت رغم ذلك لحظاتٍ طيبة يبدو فيها الرئيس الأسبق بسيطاً للغاية ويتعامل الجميع معه بشكل ودى ودون مراسم أو قيود، وعندما رأى د.حسن مصطفى أن يتقدم للمنصب الدولى الكبير أشفق عليه الكثيرون من المنافسة الحادة ولكن الرجل حسم أمره واختار طريقه وشرفنى كصديق له بأن أكتب رسالة إلى الرئيس الأسبق حتى تدعم مصر ترشيحه، وظلت صلتى وثيقة به على الرغم من أنه أصبح جليس الملوك والرؤساء والأمراء فى المناسبات الرياضية الكبرى حيث نجح فى مهمته الدولية بشكل باهر حتى كان التجديد له فى المرة الأخيرة بالتزكية اقتناعاً به واحتراماً له، ود.حسن مصطفى فارس جسور يحمل كرامته الشخصية وسمعة وطنه على كتفيه،
ومازلت أذكر عندما زارنى فى فيينا وأنا سفير لمصر فيها أن كنا نتمشى وسط الثلوج فرآنى أضع يديّ فى جيب المعطف اتقاء للبرد القارس فنصحنى بخبرته ألا أفعل ذلك وقال لى إنك لو انزلقت لا قدر الله فسوف تكون الكسور أشد لأنك تكون مكبلاً تفتقد الاستناد إلى يديك فى هذه الحالة، فالرجل يجمع بين سعة الأفق ودماثة الخلق وشهامة الصديق وحسن المعشر، إننى أريد أن أقول للأجيال الشابة فى بلادنا إن أمامكم رموزاً رائعة وليست القدوة لكم هى من يمارسون العنف من أى اتجاه سياسى بل القدوة الحقيقية هى تلك التى تجسدها شخصيات رائعة من طراز صديقى د.حسن مصطفى وإسهاماته الباهرة فى ميدان الرياضة ذلك الميدان الذى فتح جسوراً دبلوماسية أغلقها الساسة بعنادهم لسنوات طويلة ويكفى أن نتذكر مباراة تنس الطاولة بين الفريق الأمريكى والفريق الصينى فى مطلع سبعينيات القرن العشرين وهى التى فتحت الباب لطريق الوفاق بين البلدين بعد سنواتٍ طويلة من القطيعة، فالرياضة تسمو بأصحابها وتبث فيهم روحاً متميزة كتلك التى عهدتها دائماً فى المسؤول الرياضى الدولى الكبير ابن مصر البار د.حسن مصطفى.
جريدة المصري اليوم
4 سبتمبر 2013
https://www.almasryalyoum.com/news/details/199954