هو واحد من فرسان الدبلوماسية المصرية التزم دائماً بالخط الوطنى الذى لا يحيد عنه، فقد جاء إلى السلك الدبلوماسى بعد نشاط طلابى وسياسى، كان أبرز محطاته «حزب مصر الفتاة»، فهو دبلوماسى مسيّس يعلى قدر المصلحة الوطنية قبل مفهوم الدبلوماسية الصمَّاء، هو ابنٌ بارٌّ لمحافظة «دمياط» حيث استوطنت عائلته «عزبة البرج» منذ البداية، كما كان رفيقاً للدكتور «أسامة الباز» فى بعض المراحل الدراسية التى زاملهما فيها الوزير «حسب الله الكفراوى» أيضاً، ولذلك كان أستاذ الدبلوماسية المصرية «أسامة الباز» ينادى صديقه «الريدى» باسم «سيد»، ذلك أن اسمه الحقيقى هو «سيد عبدالرؤوف الريدى»، وقد اقترن فى مطلع حياته بزميلة دراستى سليلة البيت العريق السيدة «فريدة الوكيل» وعمل فى سفارات «مصر» فى مقرى «الأمم المتحدة» الأمريكى والأوروبى، كما قضى فترة قصيرة سفيراً فى «باكستان» وشرفت خلالها باستقباله فى منزلى عندما كنت مستشاراً للسفارة المصرية فى «نيودلهى»، ثم جاءه الاختيار الكبير ليخلف الدكتور«أشرف غربال» سفيراً لـ«مصر» لدى القوة العظمى فى عالمنا المعاصر فاستقر الرجل فى «واشنطن» لبضع سنوات بذل فيها جهوداً كبيرة، خصوصاً فى معركة إسقاط الديون الأمريكية عن «مصر» بعد «حرب الخليج» وتحرير «الكويت»، ولكن الخارجية المصرية خرجت عن تقليد كان متبعاً ونقلته إلى «القاهرة» فور بلوغه سن الستين، ولقد بدأ ذلك الدبلوماسى المخضرم حياته قريباً من السيد «محمود رياض» وزير الخارجية المصرى الذى أصبح بعد ذلك «أميناً عاماً لجامعة الدول العربية»، وأخذ السفير «الريدى» إليها لفترة يدعم فيها تلك المنظمة الإقليمية القومية، ولقد ربطتنى بتلك الشخصية المرموقة صلة طويلة على امتداد العقود الأربعة الأخيرة، إذ أحببت فيه بشاشة الوجه وطلاقة المُحيَّا وحسن المعشر ودماثة الخلق وغزارة الاطلاع والرغبة فى التعرف على كل جديد، ولقد بادر الرجل ومعه واحد من أساتذة الدبلوماسية المصرية هو السفير «محمد شاكر» بإنشاء «المجلس المصرى للشؤون الخارجية» يدعمهما مديره التنفيذى «د. سيد شلبى» حتى استطاع ذلك المجلس المصرى أن يثبت وجوده بشكل فاق كل التوقعات، وأن يتواجد على خريطة المراكز العالمية والمجالس النظيرة فى الدول المتقدمة، وأن يستضيف فى جلساته رؤساء دول وحكومات ووزراء خارجية وصناع قرار من الدول والهيئات، ولقد أمضى المجلس من عمره ما يقرب من خمسة عشر عاماً تشرفت فيها بعضويته التى أحرص عليها وأعتز بها. ولم يقتصر جهد ذلك الدبلوماسى اللامع «عبدالرؤوف الريدى» على كل الذى فعله ولكنه أضاف إليه إشرافه على مكتبة كبرى على ضفاف النيل ظلت مركزاً للنشاط الثقافى والحوار الفكرى سنواتٍ طويلة. ولقد بقى السفير «عبدالرؤوف الريدى» قريباً من الأحداث العالمية والمؤتمرات الدولية لأن أصحاب الخبرة الرفيعة لا يتقاعدون وأهل الفكر الحر لا يتجمَّدون، ولقد حرص الرجل دائماً على أن يكون عربى المخبر مصرى الجوهر، صادقاً مع نفسه، مخلصاً لأمته، معبراً أميناً عن أمانى الشعب الذى ينتمى إليه، فالجلوس إليه متعة، والحديث معه فائدة، والاقتراب منه هو اعتراف بمكانته وتأكيد لقيمته وحفاوة بعطائه المتجدد وتألقه المتواصل.
جريدة المصري اليوم
10 يوليو 2013
https://www.almasryalyoum.com/news/details/50232