عندما تحولت خطبة الجمعة الشهيرة للشيخ السعودى «محمد العريفى» فى أحد مساجد «الرياض» إلى حديث المنتديات المصرية بعد أن دخلت تلك الخطبة الرائعة بيوت المصريين من خلال الصحف اليومية وشاشات «التلفزة»، فإننى تذكرت ذلك السفير الذى يقف بقوة وراء العلاقات المتينة بين «المملكة العربية السعودية» و«جمهورية مصر العربية»، وتذكرت معها كفاءته العالية وشخصيته الجذابة وصداقتنا التى تذهب لقرابة عقدين من الزمان، فهو «أحمد بن عبدالعزيز قطان»، سفير خادم الحرمين الشريفين فى «القاهرة» والمندوب الدائم للمملكة العربية السعودية لدى «جامعة الدول العربية»، وقد شغل المهمة الثانية قبل أن تجتمع المهمتان معاً بعدة سنوات، إنه السفير الذى يعرف «مصر» معرفةً واسعة وله أكبر شبكة اتصالات بالمصريين والعرب والأجانب، لأن الرجل خدم مع صاحب السمو الملكى الأمير «بندر بن سلطان» فى السفارة السعودية «بواشنطن» عندما كان الأمير هو ذلك السفير المرموق فى الأوساط العربية والأمريكية، لما يزيد على عشرين عاماً، فاكتسب السفير «قطان» خبرةً بالحياة الغربية والسياسات الدولية مع القرب من مراكز صنع القرار فى مستوياته المختلفة، وتتميز شخصية «أحمد قطان» بالبساطة والتواضع الممتزجين بالمحافظة على الكرامة والارتفاع عن الصغائر والإيمان بأهداف رسالته فى دعم العلاقات القوية والمتينة بين الدولتين الشقيقتين «مصر» و«السعودية»، اللتين ترتبطان بأوثق الروابط وأعمق الصلات منذ أن وجّه الملك المؤسس والموحد «عبدالعزيز بن سعود» أركان دولته العربية الإسلامية نحو الاهتمام «بمصر» وحب شعبها، وإذا كانت العلاقات المصرية ـ السعودية قد شهدت سفراء متميزين للمملكة فى العاصمة المصرية إلا أن السفير «قطان» يبدو الأكثر تأثيراً، لأنه أقرب إلى الشارع المصرى من غيره حيث يتمتع بدرجة من التوازن الواضح فى مواجهة المشكلات، كما أنه عمل ولايزال مندوباً للمملكة لدى «جامعة الدول العربية» فى ظروف صعبة منذ ما قبل «الثورة المصرية» وترأس وفد بلاده فى قمتين عربيتين «بدمشق» و«بغداد» فى سابقة لم تتكرر لمندوب آخر،
وعندما أصبح سفيراً لدى «مصر» صار يجمع بين المنصبين كأول دبلوماسى سعودى فى تاريخ بلاده يتحقق به ذلك الجمع بين الدورين فى تميز واقتدار، ويحتفظ السفير «قطان» بعلاقات مع جميع الأطراف السياسية فى «مصر»، تقوم على الاحترام المتبادل لأنه يحافظ على مسافة ثابتة من جميع القوى السياسية ويسعى إلى تنفيذ دبلوماسية بلاده فى الحفاظ على استقرار «مصر» ووحدة شعبها، فهو سفير دولة هى مهبط الرسالة ومنزل الوحى، حيث يدعو الإسلام إلى كرامة البشر وعزة الأمم، ويتميز السفير «قطان» بأنه يعمل ساعات طويلة ما بين لقاءات فى مكتبه أو اتصالات بالمسؤولين أو حديث إلى الإعلام، وفى هذه النقطة الأخيرة تفوق الرجل بشكل ملحوظ على كل أقرانه، واستطاع أن يقدم وجهة نظر «المملكة العربية السعودية» فى وضوح وصدق وشفافية، وحين اندس بعض من يمارسون أعمال العنف غير المحسوب بين شباب الثورة المصرية وتطاولوا على مبنى السفارة السعودية فى «الجيزة» فإن الخبرة الدبلوماسية الواعية للسفير «قطان» احتوت المشكلة وجعلتهم يتراجعون، بل واعتذر عدد من قطاعات الشعب المصرى وقتها فى إعلانات مكتوبة،
رفعوها أمام مبنى السفارة لعدة أسابيع بعد ذلك، كما توجه وفد مصرى شعبى ورسمى على مستوى عالٍ للقاء «خادم الحرمين الشريفين»، حيث أكد جلالته حب بلاده لمصر وحرصها على شعبها الشقيق فانقشعت سحابة الصيف قبل أن تمطر أزمة حادة أو مشكلة كبيرة، وخلال فترة عمله القصيرة سفيراً لدى «مصر» تحققت أمور إيجابية كثيرة بتوجيهات من الملك ووزير خارجيته، ولقد قرأت مؤخراً أن المملكة قدمت لمصر بعد الثورة مباشرةً برنامجاً متكاملاً لدعم الاقتصاد المصرى قارب 4 مليارات دولار، كما زادت العمالة المصرية بأكثر من (300.000) مواطن مصرى، وقد عقدت اللجنة السعودية ـ المصرية المشتركة بعد غياب لسنوات طويلة اجتماعين للعمل على زيادة الاستثمارات وتم حل الكثير من المشكلات التى كانت تواجه المستثمرين السعوديين فى «مصر»، ويبلغ مجموع استثماراتهم حالياً 136 مليار جنيه، فالسعودية هى أكبر دولة تستثمر فى «مصر».
.. ذلك هو «أحمد بن عبدالعزيز قطان» الذى عرفته شخصياً منذ زمن بعيد، وازدادت محبتى واحترامى له وأنا أشهد حرصه الشديد على مصلحة بلاده وتعاطفه الواضح مع الشعب المصرى ومستقبله، وتفانيه فى خدمة العلاقات بين «الرياض» و«القاهرة» على نحوٍ غير مسبوق. إننى لا أجد حرجاً فى أن أقول إنه طرازٌ فريد من السفراء لم نعهده من قبل، لذلك فإننا لا نتردد فى أن نتمنى أن تكون صورة «المملكة» كما كانت دائماً متألقةً فى العالمين العربى والإسلامى بل وفى العالم كله ما دام لديها ذلك الرصيد من السفراء أمثال «أحمد بن عبدالعزيز قطان».
جريدة المصري اليوم
9 يناير 2013
https://www.almasryalyoum.com/news/details/193065