تردد اسمه منذ عدة عقود، ولقد عرفت عنه منذ سنوات عضويتى- مع عشرات الآلاف- فى منظمة الشباب العربى الاشتراكى، ثم كان انتماؤه للجماعة إيذاناً بتحول كبير فى شخصيته وتوجهاته الفكرية وممارساته السياسية. عاش خلف الأسوار لعدة سنوات متهماً فى قضية «تكنولوجيا المعلومات» للجماعة أو ما أطلق عليها قضية «سلسبيل»
ولقد شاءت الظروف أن ألتقيه سجيناً فى «طرة» عام 2010، عندما كنت فى زيارةٍ إنسانية للسيد «هشام طلعت مصطفى» بحكم صلتى بأسرته واحترامى الشديد لوالده الراحل، يومها التقيت فى أحد ردهات السجن برجل طويل القامة حاد الملامح ذى لحية سوداء ونظرات قوية، فأدركت على الفور أنه «خيرت الشاطر» وتصافحنا متعانقين وقلت له هامساً «فك الله أسرك»، ذلك أننى أتعاطف كثيراً مع حالة «سجين الرأى» لأنه يدفع فاتورة موقف فكرى معين أو رؤية سياسية بذاتها، ولم يتح لى يومها أن ألتقى رفيقه فى المعتقل الأستاذ «حسن مالك»، ثم مرت شهور قليلة وقامت ثورة 25 يناير، وخرج الاثنان، ومعهما عدد كبير ممن تم الزج بهم من قبل فى السجون والمعتقلات، وأجريت اتصالاً بعد قيام الثورة بعدة أسابيع بالمهندس «خيرت الشاطر»، الذى كان سعيداً بتلك المكالمة الهاتفية، حيث تبادلنا أرقام وسائل الاتصال المختلفة، ثم دعانى بعد ذلك بفترة وجيزة المرشد العام د. محمد بديع لحضور احتفال حاشد، تكريماً للمهندس «خيرت الشاطر» ورفيقه الأستاذ «حسن مالك»، ويجب أن أعترف بأننى وجدت اهتماماً وكرماً لم أكن أتوقعهما من منظمى ذلك الحفل الكبير، وقد بدأ اسم «خيرت الشاطر» يتردد بشكل متواتر، كما لو كان هو الذى سوف يقود جماعة «الإخوان» وحزبها «الحرية والعدالة» على طريق المعجزة الاقتصادية التى تردد الحديث عنها، ولكننا لم نجد لها صدى حتى الآن إلا فى مجموعات من حوانيت السلع الاستهلاكية!.
وعندما رشح حزب «الحرية والعدالة» المهندس «خيرت الشاطر» مرشحاً أصلياً لرئاسة الجمهورية تسلطت الأضواء عليه، وبدأ النبش فى تاريخه السياسى يزداد، إلى الحد الذى أطاح به من المعركة الرئاسية، ليتقدم إليها بديله الاحتياطى الذى أصبح رئيساً للجمهورية!. وهنا تحضرنى قصة طريفة تركت فى أعماقى أثراً سلبياً أدركت معه أن أشقاءنا فى الجماعة قد تحولوا كثيراً وأن «البساطة» و«التسامح» و«التواضع» لم تعد هى السمات المسيطرة على شخصية الإخوانى، إذ حدث ذات يوم فى مرحلة الإعادة بين الدكتور «محمد مرسى» والفريق «أحمد شفيق» أن اتصل بى صديق عزيز هو الأستاذ عبدالعزيز الجمل طالباً مساعدتى فى إقناع حملة الدكتور مرسى بعقد لقاء مفتوح بينه وبين جمعية شبان رجال الأعمال، خصوصاً أن الفريق «شفيق» قد التقاهم قبل ذلك بعدة أيام، وأصبح من قبيل العدالة الدعائية أن يلتقيهم المرشح المنافس، فقمت بالاتصال بالمهندس «خيرت الشاطر» مساء ذلك اليوم فلم أجده على الهاتف الجوال، فاتصلت بمنزله وردت علىَّ ابنته المهذبة ثم عادت بعد دقائق قليلة تخبرنى أنها قد أبلغت والدها وأنه قال لها اطلبى من الدكتور مصطفى أن يتحدث غداً صباحاً فى المكتب! وقد ابتلعت غصة الحرج الذى شعرت به أمام صديقى الذى توهم أنى صديق قريب من المهندس «الشاطر»، وتمضى مواكب الحياة ويقبع المهندس «خيرت الشاطر» معتكفاً لفترة ومبتعداً عن الأضواء لعله يخرج على الناس بقبس يشد إليه من يشتركون معه فى العقيدة ويتفقون معه فى الرؤية، فمصر بحاجة إلى جميع جهود أبنائها.. كل أبنائها.
جريدة المصري اليوم
29 أغسطس 2012
https://www.almasryalyoum.com/news/details/190265