هو وزير خارجية العراق وواحد من أقطاب المقاومة ضد نظام «صدام حسين» فى الخارج وهو كردى الأصل ولكن المفاجأة الحقيقية هى أنه يعكس توجهاً عراقياً بالدرجة الأولى لا يتأثر بطائفة معينة أو يرتبط بدولة مجاورة وعندما تولى منصبه شعر بعض العرب بالقلق من أن يكون وزير خارجية العراق الذى يجلس بين وزراء الخارجية العرب فى جامعة الدول العربية كردياً وليس عربياً ولكننى أزعم الآن أن الجميع– وأنا منهم– تغيرت قناعتهم عندما اكتشفوا أن الرجل كردى الأصل عراقى الانتماء عروبى التوجه يؤمن بقضايا المنطقة وآمال الأمتين العربية والإسلامية وله فى ذلك مواقف مشهودة وآراء واضحة ومبادرات علنية.
ولقد ربطتنى بذلك السياسى العراقى الكبير علاقة طيبة حيث التقيته عدة مرات فى «القاهرة» وجمعتنى به مناسبات اجتماعية متعددة كما زرته فى جناحه بالفندق الذى كنا نقيم فيه معاً فى «واشنطن» صيف عام 2009 عندما كان مرافقاً لرئيس الوزراء العراقى «نورى المالكى» فى زيارة مهمة للولايات المتحدة الأمريكية وقتها، وما من مرة التقيته إلا وشعرت بترحيبه الشديد ووده الواضح ونفسيته الطيبة كما أن معالجته للقضايا المختلفة تضع فى اعتبارها دائما البعد القومى وتطور الصراع العربى الإسرائيلى والفهم الدقيق لمواقف دول الجوار تجاه ما يجرى فى «العراق».
ولقد تحدثت معه هاتفياً فى منتصف سبتمبر 2010 حديثاً إنسانياً بحتاً أكرمنى فيه بقوله إنه فخورٌ بصداقتنا وهو أمر يمثل مصدر اعتزاز لى لأن الرجل يتميز بالصراحة والوضوح ودماثة الخلق وما أحوج العراق إلى هذا النمط من السياسيين فى ظروفه الحالية، ولقد جمعنا السفير «أحمد القطان» المندوب الدائم «للمملكة العربية السعودية» لدى «جامعة الدول العربية» على مائدة غداء فى منتصف عام 2010 وبحضور الأمين العام لجامعة الدول العربية السيد «عمرو موسى» وعدد من الوزراء والسفراء العرب وشعرنا جميعاً أننا بحق أسرة واحدة تنتمى لأمة عربية لها جذور ثقافية تعلو فوق الأعراق والديانات والطوائف لأن الروح القومية العربية هى المظلة الحقيقية لتماسك العرب وإيجاد الحد الأدنى من الأرضية المشتركة بينهم، وإذا كانت لوحة التوزيع السياسى والطائفى قد جاءت برئيس كردى للعراق ووزير خارجية من الأكراد أيضاً ورئيس للحكومة من الشيعة ورئيس للبرلمان من السنة فإن ذلك النمط الذى جاء به الأمريكيون لحكم «العراق» ينبغى أن يكون مقاوماً لكل أسباب الانقسام وعوامل الفُرقة فى شعب الرافدين المعروف بالإباء وشدة المراس، إن «هوشيار زيبارى» يمثل فى تكوينه ومواقفه درجة عالية من التوافق بين القوميتين العربية والكردية تحت مظلة الدولة العراقية الواحدة كما أن دوره السياسى فى المعارضة العراقية يؤكد هو الآخر وطنيته الزائدة وانتصاره لقضية الحرية ورفضه للأنظمة الاستبدادية والديكتاتوريات .. فتحية لوزير خارجية «العراق» الذى يدافع عن قضايا العروبة والإسلام من منطلق عراقيته قبل دافع كرديته!
جريدة المصري اليوم
30 سبتمبر 2010
https://www.almasryalyoum.com/news/details/197876