هو أديب ومفكر وناقد ولغوى وشاعر من «الأردن» الشقيق، استهل حياته العلمية بالدراسة فى «مصر» واقترن بشريكة حياته منها وارتبط اسمه دائماً بالعروبة الصادقة والفكر القومى النقى وعاش محباً لـ«مصر» وطنه الثانى حريصاً عليه حتى وإن اختلف أحياناً مع بعض مواقفه، كما اقترن اسمه بالثقافة العربية كرباط يشد أطراف الأمة ويجمع أركانها، وعندما قاطع العرب «مصر» وقاطعتهم لعقد كامل من الزمان كان «د.ناصرالدين الأسد» على رأس أول وفد للأدباء والمثقفين العرب يصل إلى «القاهرة» معلناً نهاية القطيعة وعودة الكنانة إلى أمتها العربية وقال يومها قولته الشهيرة (عدنا يا مصر والعود أحمد)، ولقد اقتربت عامداً من ذلك المفكر العربى الكبير وسعيت دائماً إلى الاستماع إليه والإفادة منه وجاءتنى فرصة ذهبية لبضعة أيام قضيتها معه فى مدينة «فرانكفورت» الألمانية منذ عدة أعوام عندما كانت الأمة العربية هى ضيف الشرف فى المهرجان الدولى للكتاب هناك، وحينها فتح الرجل العظيم صندوق ذكرياته وتحدث فى طلاوة وحلاوة عن علاقته بأستاذه عميد الأدب العربى «د. طه حسين» وكيف أنه لم يستحسن ذات مرة تصرفاً من أستاذه وفى أول لقاء لهما بعد ذلك قال له عميد الأدب العربى: أغاضب أنت يا ناصر؟ فرد عليه مفكرنا الكبير: بل أشد الغضب.. ثم تصافيا فى مودة تربط بين التلميذ وأستاذه وهما يقفان معاً على الأرضية المشتركة لساحة الفكر العربى المتوهج.
وهو أيضاً «د. ناصرالدين الأسد» الوزير الأردنى اللامع والمستشار الثقافى المرموق الذى عرفه العرب فى المشرق والمغرب نموذجاً للعلم الغزير والأدب الرفيع والحس الإنسانى الراقى، بل إن علاقته بأستاذه «طه حسين» تعكس بجلاء كيف كان الكبار يتصرفون فى زمن ولى وانتهى، لذلك فإننى أرى أن «د.ناصرالدين الأسد» تربى فكرياً فى عهد الازدهار الثقافى فى العالم العربى عندما كان الشوامخ هم الذين يحددون مسار العقل العربى وإمكاناته ومواقفه، ولابد أن أسجل هنا أيضاً دور هذا المفكر العربى الكبير فى المجامع اللغوية والمنتديات الثقافية واللقاءات الفكرية، حيث يبدو دائماً أنيق المظهر والمخبر متألقاً يقظاً يقاوم وقر السنين وبصمات الزمن، وكلما التقيت ابنه اللامع السفير «وائل الأسد» المسؤول عن ملف العلاقات الدولية فى «جامعة الدول العربية»، مع اهتمام خاص بالقدرات النووية دولياً وإقليمياً- كلما رأيت هذا الابن البار شعرت بوحدة الدم العربى فهو أردنى- مصرى ولكنه عربى قبل هذا وذاك، وعندما يأتى «د.ناصرالدين الأسد» إلى «مصر» فإنه يطوف بالأماكن التى عاش فيها والجامعة التى تخرج فيها ورفاق العمر وأصدقاء الحياة من مختلف الأقطار العربية يوم أن كانت «القاهرة» ملتقى المفكرين العرب والمبدعين العرب والثوار العرب.
إن «ناصرالدين الأسد» ما زال يجسد أمامى عصر الشموخ العربى قبل أن يصيبنا التردى والإحباط والهوان وأنا أحيى فيه مشاعره العربية و«عواطفه» المصرية، وأرى فيه أيضاً أستاذاً لجيل عربى لم تمزقه الانقسامات ولم تعبث به الاختلافات ولم تحطمه الهزائم ولم تنل منه الخطوب.
جريدة المصري اليوم
10 يونيو 2010
https://www.almasryalyoum.com/news/details/209363