هو الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامى، ولد لأبوين تركيين فى القاهرة، وعاش فى «مصر»، ثم غادرها إلى بلد أبويه بعد أن بلغ السادسة والعشرين، ولقد كان أبوه عالمًا فى الأزهر الشريف وهو الذى أنشأ قسم «اللغة التركية» بجامعة «عين شمس» ولقد امتزجت لديه الثقافتان العربية بروحها المصرية والتركية بتطورها الحديث. ولقد تخرج «أكمل الدين أوغلو» فى كلية العلوم جامعة «عين شمس» ثم أكمل دراساته العليا فى الخارج حتى الدكتوراة وبدأ مسيرة العمل فى منظمة «المؤتمر الإسلامى» مديرًا لمركزها فى مدينة «إسطنبول» إلى أن جرى انتخابه أمينًا عامًا لها ومقرها فى «جدة» بـ«المملكة العربية السعودية»، وله مؤلفاتٌ عديدة لعل من أهمها ذلك السفر الكبير الذى يتحدث عن «تاريخ الأتراك فى مصر» والذى أصبح مرجعًا لا يستغنى عنه باحث فى تاريخ المجتمع المصرى والعلاقات مع الشعب التركى عبر القرون. ولقد حصل الدكتور «أكمل الدين» على عدد كبير من درجات الدكتوراة الفخرية من جامعات العالم المختلفة، ولكن جامعته الأصلية «عين شمس» التى أعلنت منذ سنوات عن رغبتها فى منحه تلك الدرجة الفخرية لم تفعل ذلك حتى الآن! والدكتور «أكمل الدين» شخصية متوازنة التفكير، معتدلة الاتجاه، واسعة الاطلاع، وهو محسوب على «مصر» من حيث المولد والنشأة والثقافة والروح، فضلاً عن طبيعة الشخصية والمزاج النفسى، ولقد كان لقائى الأخير معه فى قمة «سـرت» العربية حيث ألقى خطابه فى الجلسة الافتتاحية للمؤتمر ثم جمعنى به جوار المقعدين فى الطائرة المصرية من «طرابلس» إلى «القاهرة»، واستمعت منه إلى توصيف عميق للواقع الإسلامى المعاصر وأثَرْتُ معه عضوية بعض الدول لمنظمة «المؤتمر الإسلامى» والموانع التى تحول دون دخول «الهند» ذات المائة والعشرين مليون مسلم فيها حتى الآن! ولقد كان الرجل أمينًا فى ردوده، حصيفًا فى مواقفه، ذكيًا فى تحليله، وبهرنى فيه ذلك الامتزاج الرائع بين الثقافات، خصوصًا العربية والتركية، كذلك ناقشت معه أبعاد الاستراتيجية الجديدة للدولة التركية، واضعين فى الاعتبار موقف رئيس الوزراء «رجب الطيب أردوغان» ورؤية وزير خارجيته «أحمد داوود أوغلو» لشرق أوسط مختلف تتفاعل فيه «تركيا» دولة الأطلنطى مع إمبراطوريتها العثمانية السابقة وكأنها تستمد من هذا التحول أوراق اعتمادها إلى الغرب، تطلعًا لعضوية «الاتحاد الأوروبى» التى تحلم بها منذ سنوات، ولقد ناقشت مع أمين عام «منظمة المؤتمر الإسلامى» دور المنظمة فى هذه الفترة التى يتعرض فيها الإسلام والمسلمون لهجمة شرسة واستمعت إليه واستوعبت رؤيته الشاملة للنهوض بهذه المنظمة وتحدث الرجل عن دعم العاهل السعودى لهم والعلاقة الودية التى تربطه بالقاهرة والرئيس «مبارك» فى لقاءاته معهم منذ تولى منصبه الذى شغله من قبل مصرى هو الراحل السيد «حسن التهامى»، وأنا بهذه المناسبة ممن يظنون أن «منظمة المؤتمر الإسلامى» تستطيع أن تلعب دورًا فعالاً فى تنظير العلاقة بين «الإسلام» و«الغرب» ومواجهة المخطط الإسرائيلى الخبيث الذى يسعى إلى تهويد «القدس» بل وهدم «المسجد الأقصى» أيضًا، ولقد وجدت من حوارى مع الرجل أنهم فى المنظمة يبذلون قصارى جهدهم برغم العواصف الدولية والأنواء الإقليمية والحساسيات الدينية، ولعل من أسباب سعادتى بوجود الدكتور «أكمل الدين أوغلو» فى موقعه هو أن يتواكب الدور التركى إسلاميًا مع الدور التركى عربيًا وشرق أوسطيًا، لأننى أحد الذين يشعرون بالرضا لانغماس «تركيا» فى هذه الشؤون المشرقية خلال السنوات الأخيرة لأن «الترك» شعب آسيوى أوروبى يجمع بين مقومات تاريخية وجغرافية تجعل له صفة التعددية وسمة التنوع، ولقد سألت الدكتور «أكمل الدين»: هل تربطك صلة قرابة بوزير الخارجية التركى «أحمد داوود أوغلو»؟ فشرح لى ذلك الرجل العالم أن كلمة «أوغلو» بالتركية تعنى كلمة «ابن» فى العربية، ولذلك فهى صفة أكثر منها اسماً! وكم كنت سعيدًا فى نهاية اللقاء أن أرى تركيًا يعرف شوارع «الحلمية الجديدة» ومزارات «القاهرة القديمة»، ويستطيع أن يعيش فيها ويتنقل بينها كواحد من أهلها إذا جاء إليها.
جريدة المصري اليوم
22 أبريل 2010
https://www.almasryalyoum.com/news/details/205180