عشت فى هذا الأسبوع ساعة أو ما يزيد مبهوراً بما رأيت، فخوراً بما شاهدت، وأصل الحكاية أننى كنت فى زيارة لصديقى المهندس «خالد أبو طالب»، فى «الساحل الشمالى»، حيث نلتمس بعض الراحة الذهنية بعيداً عن ضجيج «القاهرة» ونميمة «الإسكندرية»، فقال لى صديقى إنه مدعو لمشاهدة الفنانة العالمية- التى كرمها الرئيس السيسى فى مؤتمر الشباب منذ عدة شهور- بدعوة من والدها البرلمانى اللامع والسياسى المرموق والرياضى المعروف «أحمد سعيد»، الذى كان رئيساً للجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب.
وعندما وصلت مع أصدقائى إلى منزله فى منتجع «مراسى» بـ«الساحل الشمالى» وجدت خليطاً متميزاً من صفوة الناس، تتقدمهم الوزيرة «غادة والى»، ونائب رئيس الوزراء الأسبق «زياد بهاء الدين»، والوزير الأسبق «منير فخرى عبد النور»، وعدد من الكتاب والمفكرين يتصدرهم «محمد سلماوى» و«محمد أبو الغار» و«أسامة الغزالى حرب» و«عمر مهنا» و«منى ذو الفقار» و«نازلى مدكور» وغيرهم من صفوة المجتمع المصرى، حيث بلغ عدد الحاضرين ما يزيد على مائة مشاهد فى حديقة المنزل، وبدأت الفنانة الراقية والفتاة التى أحسن أبواها تربيتها تعليماً وخلقاً تصدح بصوتها (الأوبرالى) على نحو لم أر له مثيلاً من قبل فى بلدنا، وعرفت من الحاضرين أنها تتمتع بشهرة دولية واسعة، وأنها معروفة فى أوساط الفن الراقى فى العواصم الأوروبية والمدن الأمريكية، كما أنها تتمتع بشعبية كاسحة حتى إن بعض معجبيها يسافرون وراءها إلى المدن التى تحيى فيها حفلاتها، وهى فتاة حسنة المظهر، دقيقة الملامح، رفيعة الذوق حديثاً وملبساً وتحركاً، وذهبت بذاكرتى بعيداً إلى ألوان الفن الهابط الذى تعانى من استهلاكه الأجيال الجديدة، وآمنت بأن لدينا رصيداً من الذوق العالى الذى يمكن أن يشد الشباب نحو آفاق عالية وقمم راقية وأصوات فريدة، خصوصاً أن «فاطمة سعيد» تغنى بعدة لغات نتيجة تميزها الواضح فى إتقان تلك اللغات، فضلاً عن قدرتها على الأداء (الأوبرالى) والعادى أيضاً، مع إمكانية المزج بينهما فى تألق فريد وتميز واضح وتوهج فنى أبهر الحاضرين، وربما كنت من أكثرهم شعوراً بذلك، لأنها كانت المرة الأولى التى أستمع فيها إلى تلك المصرية الرائعة، وأدركت أن الأب السوى تشب ذريته على نفس النسق، والذين يعرفون «أحمد سعيد» يتحدثون عنه دائماً بالتقدير والاحترام، فهو إنسان متوازن، كما أنه مثقف معروف عرك الحياة الحزبية والبرلمانية إلى جانب أنشطة المجتمع المدنى، وتدفعنى تلك المناسبة إلى التوجه نحو وزيرة الثقافة، وهى فنانة مصرية درست فى «فرنسا» واحتكت بالأوساط العالمية وشاهدت الفنون الراقية، لكى أقول لها: إننا بحاجة إلى الرقى بأذواق المصريين وصولاً إلى «فاطمة سعيد» لنخرج من دائرة الفن الهابط، وهنا أترفع عن الإشارة إلى رموزه التى تحتكر الآذان وتلوث الأسماع وتسىء إلى الثقافة المصرية فى مجملها.
وفى رأيى فإن «دار الأوبرا المصرية» و«مكتبة الإسكندرية» وكافة مسارح الأقاليم يجب أن تفسح مكاناً لسهرات دورية مع هذه الفنانة الموهوبة والتى تقدم إبداعاً نقياً يتماشى مع الذوق الإنسانى والشعور الوطنى واليقين الدينى، بل إننى أرى أن أداء «فاطمة سعيد» يمكن أن يكون لوحة فنية تقدمها «مصر» أمام ضيوفها الكبار فى حضرة الرئيس الذى كرمها من قبل وأعلن هذا العام عاماً للثقافة، إننى أعتقد أن شيوع مثل هذه النماذج الفنية الراقية يمكن أن يدعم السمو الأخلاقى والتسامح الإنسانى ويدفع الناس دفعاً إلى آفاق رحبة ومشاعر نبيلة تبتعد عن التعصب والعنف والتطرف، لأن الفن هو صناعة الحياة فى مواجهة الإرهاب الذى هو صناعة الموت.. لقد كان تصفيق الحاضرين وقوفاً لعدة دقائق مشهداً رائعاً يعبر عن الإعجاب بفنانة عالمية شابة هى إفراز لتربية مصرية راقية من أب وأم يستحقان التقدير والشكر والامتنان.
د. مصطفى الفقى;
جريدة المصري اليوم العدد 5155
تاريخ النشر: 25 يوليو 2018
رابط المقال: https://www.almasryalyoum.com/news/details/1309938