قابض على مبادئه لا يفرط فيها، متمسك بمواقفه لا يتنازل عنها، ذلك هو السيد «سامى شرف» سكرتير الرئيس «عبدالناصر» للمعلومات ووزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية بعد ذلك، الذى لم يرتزق «بالناصرية» كما لم ينقلب عليها ولم يتلون بها فى كل اتجاه كما فعل غيره،وكلما جاءنى صوته عبر الهاتف فى السنوات الأخيرة شعرت أن صوتاً من عصر الحلم القومى لايزال يتردد فى عالمنا فرغم الظروف الصحية الصعبة التى مر بها إلا أن الرجل ظل على شموخه كما كان فى كل العهود بدءاً من سنوات السجن فى بدايات عصر الرئيس الراحل «السادات» مروراً بسنوات حكم الرئيس الأسبق «مبارك» وصولاً إلى حكم «المجلس العسكرى» و«دولة الإخوان».
ثم ما بعد «30 يونيو 2013» وكأنما أراد له الله أن يرى أمام عينيه الجماهير وهى ترفع صورة قائده وزعيمه الذى رحل منذ قرابة خمس وأربعين سنة، ولقد ربطتنى «بآل شرف» صلات متعددة وكنت قريباً من أشقائه الثلاثة الراحلين السفيرين «عمر» و«عز الدين» ثم خبير الترجمة الفورية الدولى «طارق» رحمهم الله جميعًا، أما الأخ الأكبر فقد كان طرازاً رفيعاً من السفراء يجيد عدداً من اللغات الأجنبية ويملك ثقافة موسوعية فضلاً عن حب زملائه له واحترامهم لشخصه، وقد خدم سفيراً فى «السويد» و«الصين»، أما الثانى فقد كان فارساً بالمعنى الحرفى للكلمة له شخصية قوية مع مسحة تدين متأصلة، وقد عملت معه مباشرة بعد «نكسة 67» فى «إدارة المعلومات» فى «وزارة الخارجية» فى مستهل حياتى الدبلوماسية، وكانت لى معه مواقف ونوادر أعتز بها دائماً، وقد كان ختام حياته الدبلوماسية سفيراً لمصر فى «باكستان» و«مساعداً لوزير الخارجية»، أما الشقيق الثالث للسيد «سامى شرف» وهو الصديق الراحل «طارق» فقد كان شخصية فريدة بجميع المقاييس، وعندما انسحب من الحياة شعرت بأننى قد فقدت عزيزاً، وهناك قصة تروى دائماً عن موضوعية وحياد والتزام السيد «سامى شرف» أنه قدم أخاه «طارق» للمحاكمة العسكرية وهو طالب فى «الكلية الحربية» عندما أشيع أنه يخطط لانقلاب على السلطة حتى ولو كان الأمر من قبيل المزاح، وذلك يؤكد أن ولاء «سامى شرف» لوطنه وقائده كان يفوق دائماً ولاءه لأسرته وأقاربه، كما حظيت الأسرة الدبلوماسية بوجود ابن شقيقة السيد «سامى شرف» الدبلوماسى المتميز «عبدالرحيم شلبى» الذى ختم حياته الوظيفية سفيراً «لمصر» فى «الكويت» وهو معروف بتدينه المعتدل واستقامته الأخلاقية، كما أننى على صلة طيبة باثنين من أزواج بناته أحدهما فندقى كبير والآخر ضابط شرطة متقاعد، وعندما عصف الرئيس الراحل «أنور السادات» بالمجموعة الناصرية وفى مقدمتهم «سامى شرف» حامل الأسرار الكتوم، وحامل مفاتيح الخزائن الأمين، الذى يحمل ولاءً لعبدالناصر لا يبرحه أبدًا إلا أن الرئيس «السادات» قد استعان به فى البداية حتى حادث الاستقالة الجماعية للوزراء، حيث جرى إيداع «سامى شرف» فى السجن لأنه أبى أن يغير جلده وأن ينقل ولاءه من «عبدالناصر» إلى «السادات» بين يوم وليلة كما فعل الكثيرون، وهاهو السيد «سامى شرف» يتابع الحياة السياسية فى يقظة، ويرصد الإعلام المكتوب والمقروء والمرئى لكى يذود عن تاريخ «عبدالناصر» فى بسالة لا تتردد وقناعة لا تهتز، كما يقوم بتصحيح الوقائع التاريخية لذلك كان مثيراً للسخرية أن جرى اتهامه بعد اعتقاله فى 15 مايو 1971 بأنه حليف للسوفيت وصديق «لموسكو» مع أن الرجل لا يحيد عن خطه الوطنى فى كل الظروف، وقد نختلف معه أو نتفق، ولكننا نقدر صلابته واحترامه لذاته وتمسكه بناصريته واستعداده للرد القاطع على كل من يطعن فى تلك الحقبة أو يسىء إلى ذلك القائد الكبير الذى سوف نحتفل بالمئوية الأولى لميلاده بعد سنوات قليلة.. تحية «لسامى شرف» نموذجاً للصدق والشرف!
جريدة المصري اليوم
26 مارس 2014
https://www.almasryalyoum.com/news/details/417704