شخصية مثيرة للجدل، يختلف الكثيرون معه، ولكنهم لا يختلفون عليه، فهو شخصية غير تقليدية أقرب إلى أن تكون «مصنع أفكار» فى إطار رصيد وطنى، يعتز به أصدقاؤه وزملاؤه، ولقد تعرفت عليه منذ فترة دراستنا الجامعية، حين كان طالباً شهيراً فى «كلية الهندسة»، يأتى إلى كافيتريا «كلية الاقتصاد والعلوم السياسية» فى ملحق «كلية الحقوق» آنذاك، ليلتقى بأصدقائه من الطلبة والطالبات أيضاً!
حيث كان زميلاً فى الدراسة لعدد من طلاب الكلية، الذين التحقوا بها بعدى بسنواتٍ قليلة، وكان أبرزهم عالم السياسة الجليل الدكتور «أحمد يوسف» مدير «معهد الدراسات العربية» التابع لجامعة الدول العربية شفاه الله، والكاتب الصحفى اللامع رئيس التحرير الأسبق لـ«مجلة السياسة الدولية» والشريك الفعال فى الحياة العامة المصرية، والعمود المؤسس «للمجلس المصرى للشؤون الخارجية»، والعنصر الأساس فى «جمعية النداء الجديد» و«حزب الجبهة» الدكتور «أسامة الغزالى حرب» رفيق عمر «ممدوح حمزة»، وزوج شقيقته الفاضلة، ولعلى أعترف الآن بأننى لا أخفى إعجابى بعقلية «ممدوح حمزة» المتوهجة، وشرارة الفكر المتقدة لديه، فضلاً عن شطحاتٍ تجعله شخصية استثنائية يفكر «خارج الصندوق» بشكلٍ غير نمطى وبأسلوبٍ فريد، ولقد زارنى فى مطلع صيف عام 1997 وأنا سفير لبلادى فى العاصمة النمساوية «فيينا» وأخذته ـ كمهندس دولى معروف ـ ليتفقد معى الإصلاحات والتعديلات فى قصرين كبيرين، حصلت عليهما السفارة المصرية كمقر للمكاتب، ودار للسكن من خلال مبنى تاريخى عريق فى «الحى التاسع عشر» أرقى أحياء «فيينا»، الذى كان يملكه مهندس نمساوى شهير، من أصل مصرى هو الدكتور «علاء أبوالعينين» صاحب الاسم اللامع فى «النمسا» وغيرها من الدول الأوروبية، والذى قام بتنفيذ مشروعات عديدة للخارجية المصرية فى «فيينا» و«أثينا» و«إسطنبول» و«القاهرة» ويومها أفادنى الدكتور «ممدوح حمزة» بعددٍ من الأفكار الجديدة والرؤى السديدة لمستقبل المبنى واستخداماته،
واقترح علىّ ضرورة وجود رمز معمارى تاريخى، يشير إلى الحضارة المصرية، ووجدته يجرى اتصالاً هاتفياً مباشراً بصديقٍ له يعمل فى مجال نحت الجرانيت فى مدينة «أسوان» المصرية طالباً منه إهداء المبنى الجديد لسفارتنا فى العاصمة النمساوية مسلة فرعونية من «جرانيت أسوان» تكون صورة طبق الأصل للمسلات الفرعونية الأثرية، ولقد جاءت المسلة الضخمة عبر نهر النيل والبحر المتوسط، ثم الطريق الأوروبى البرى، لتكون علامة ضخمة عند مدخل السفارة على نحوٍ أصبح واحداً من معالم الحى الراقى الذى توجد فيه، وما زلت أتذكر تجمع عددٍ من سكان«فيينا» وهم يشهدون عملية الحفر، لزرع ذلك الكيان الفرعونى الضخم فى عاصمة بلادهم، حتى إن المواصلات العامة توقفت فى الحى لعدة ساعات، تمكيناً للمسلة الكبيرة من دخول بوابة مبنى سفارة «مصر» العريقة،
وما زلت أتلقى عبارات الإشادة والتقدير من كل زائر لمبنى السفارة هناك، بينما الفضل يرجع أولاً وأخيراً لذلك المهندس الفذ «ممدوح حمزة»، وعندما تعرض لمحنة كبيرة وجرى احتجازه فى العاصمة البريطانية لعدة شهور، أدليت علناً بشهادة حق لصالحه، رغم صداقتى التى كانت ولا تزال بذلك الوزير النشط، الذى كان يمثل الطرف الآخر فى خصومته معه، أما عن دور «ممدوح حمزة» بعد ثورة 25 يناير 2011 فحدّث ولا حرج، فهو الشريك الفاعل والمناضل الدائم القريب إلى قلب الشباب المصرى، وإلى روح الثورة، مهما كانت مواقف المختلفين معه أو المنتقدين لأفكاره وأفعاله، وقد أنفق الكثير مما يملك دعماً للثوار، ورفض الاستبداد بكل مظاهره فى كل عهود الحكم المصرى، التى عايشها جيلنا حتى الآن.
تحية لـ«ممدوح حمزة» العالم المتعدد المواهب، والمناضل الجسور، والوطنى بغير حدود.
جريدة المصري اليوم
15 أغسطس 2013
https://www.almasryalyoum.com/news/details/199366