دبلوماسى مصرى مخضرم، عمل مندوباً مناوباً للوفد المصرى الدائم لدى «الأمم المتحدة» فى «نيويورك» وسفيراً فى «فيينا» ثم اختتم مسيرته الدبلوماسية سفيراً فى العاصمة البريطانية لما يقرب من عشر سنوات ترك خلالها هو والسيدة الفاضلة قرينته أثراً طيباً لدى الجانب البريطانى والجالية المصرية وزوار «لندن» من المنطقة العربية ومازال الكل يذكرونه بالخير ويتحدثون عنه بالاحترام، وما إن فرغ من مهمته الدبلوماسية فى «لندن» حتى أصبح المرشح المصرى الرسمى لمنصب «مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية» فى «فيينا» الذى خلا بانتهاء مدة صديقه «هانز بليكس» وزير خارجية «السويد» الأسبق الذى شغل منصب «مدير عام الوكالة» لأكثر من خمسة عشر عاماً، وكنت سفيراً فى «فيينا» حينذاك ومندوباً مقيماً لدى «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» وكان المنافس الأقوى للدكتور «شاكر» سويسرى الجنسية، واستطاع الدكتور «شاكر» أن يهزمه فى اقتراعات الجولة الأولى ولكن لم يحقق أى من المرشحين عدد الأصوات المطلوبة للحصول على المنصب، ولم يكن الدكتور «شاكر» غريباً عن ميدان الطاقة النووية، فقد كان مديراً لمكتب الوكالة لدى المقر الدائم للأمم المتحدة فى «نيويورك» كما أن أطروحته للدكتوراه من جامعة «جنيف» كانت تدور حول ذات الموضوع كما ترأس واحداً من أكبر المؤتمرات الدولية فى شأن المراجعة النووية،
ولكن الأمريكيين والإسرائيليين كانوا يأخذون عليه انتقاده للبرنامج النووى للدولة العبرية وتفردها فى المنطقة بترسانة نووية وحيدة، والذين يعرفون السفير الدكتور «محمد شاكر» عن قرب يدركون دماثة خلقه ورقى أسلوبه فى التعامل مع أصدقائه ومعارفه فضلاً عن بساطته وتواضعه المشهودين، وعندما استقر فى «مصر» بعد رحلة العمل الدبلوماسى عبر السنين، بدأ نشاطاً مختلفاً يتوج مسيرة حياته الحافلة، فاستطاع مع صديقه السفير اللامع «عبدالرؤوف الريدى» أن يقيما صرحاً للعمل السياسى والدبلوماسى تحت مظلة أهلية خارج نطاق الحكومة حيث ولد «المجلس المصرى للشؤون الخارجية»، وأصبح مديره التنفيذى هو الدبلوماسى الأكاديمى «د.سيد شلبى»، واستقطب هذا المجلس خيرة العقول المصرية فى المجالات المختلفة، وحقق نجاحات باهرة فأصبح من ضيوفه وزواره رؤساء دول وحكومات وخبراء فى كل مجالات الحياة السياسية والنشاط الاقتصادى وأصحاب الرؤية الفكرية والثقافية حيث ملأ ذلك المجلس فراغاً كبيراً، وأصبح داعماً للدبلوماسية المصرية بل العربية أيضاً، ولا يتوقف نشاط الدكتور «شاكر» عند هذا الحد، فهو رئيس لعدد كبير من مؤسسات العمل الأهلى والخيرى فى «مصر» وشريك فى بعضها الآخر خارجها، ولقد استطاع ذلك الرجل الجاد أن يشغل حياته بما يفيد الوطن وينفع الناس ولم يتوقف عطاؤه أبدًا للحياة العامة والعمل الدبلوماسى، بينما عكفت قرينته الفاضلة على التدريس فى الجامعة المصرية باعتبارها عضواً فيها تحمل درجة الدكتوراه فى الأدب الإنجليزى، وهى بالمناسبة ابنة واحد من الآباء المؤسسين للدبلوماسية المصرية، وهو السفير الراحل «محمد عوض القونى» الذى كان مندوباً دائماً لـ«مصر» لدى «الأمم المتحدة» أثناء حرب 1967، ثم اختتم حياته الوظيفية وزيراً للسياحة فى العصر الناصرى وهو صاحب مدرسة متميزة فى العمل الدبلوماسى الهادئ، ولتلك المدرسة موقعها البارز إلى جانب مدرسة الدكتور «محمود فوزى»، وغيرهما من الآباء العظام للدبلوماسية المصرية، إن الدكتور «محمد شاكر» هو سليل بيت لا يخلو من مظاهر الأرستقراطية والرقى، فوالده كان يحمل الباشوية «رئيساً لهيئة السكك الحديدية المصرية» وزوج شقيقته هو وزير الخارجية الراحل «محمد إبراهيم كامل» الذى كان «السادات» يعرفه من سنوات النضال السياسى قبل ثورة يوليو 1952..
إننا أمام نموذج متميز فى الأداء الرفيع والخلق الراقى ونظافة اليد وصفاء النفس، ولسوف يبقى اسم «محمد إبراهيم شاكر» علامة مضيئة فى تاريخ الدبلوماسية المصرية وأجيالها القادمة.
جريدة المصري اليوم
17 يوليو 2013
https://www.almasryalyoum.com/news/details/198398