هو دبلوماسى جزائرى مرموق له دور سياسى متميز فى مرحلة النضال من أجل الاستقلال حيث عمل مسؤولاًَ عن مكتب حركة التحرير الجزائرية فى مصر وإندونيسيا وعواصم أخرى فى خمسينيات القرن الماضى فكان مدافعاً عن قضية بلاده التى كانت تئن تحت وطأة الاحتلال الفرنسى البغيض الذى اعتمد سياسة «الفرنسة» وحاول أن يجعل من «الجزائر» جزءاً من الدولة الفرنسية إلى أن وصل «الجنرال المنقذ» «شارل ديجول» إلى الحكم فى «باريس» وبدأ التفاوض مع الثوار حتى انتهى الأمر باستقلال الجزائر، وما زلت أتذكر أن زميلى وصديقى السفير- أحمد والى قد زامل الأخضر الإبراهيمى فى «إندونيسيا» حيث كان كلاً منهما يعمل فى بعثة بلاده فى «جاكارتا»، وجدير بالذكر أن علاقتى الشخصية بالجزائر ذات طابع خاص فهى أول بلد زرته فى حياتى عندما ركبت الطائرة لأول مرة فور تخرجى من الجامعة فى شهر يونيو عام 1966 لتمثيل الشباب المصرى فى عيد الاستقلال الجزائرى والاحتفال بنقل رفات الأمير عبد القادر الجزائرى من «دمشق» إلى بلاده التى ناضل من أجلها ومات فى سبيلها والتقيت أثناء الزيارة بالرئيس «هوارى بو مدين» فى قصر الشعب بالعاصمة الجزائرية وكان اسم الأخضر الإبراهيمى لامعاً فى عالم السياسة منذ ذلك الوقت حيث تولى منصب وزير خارجية بلاده بعد ذلك بسنوات وظل دائماً مبعوثاً دولياً فى الظروف الصعبة سواء فى العراق أو أفغانستان وغيرهما وها هو اليوم يدخل اختباراً جديداً كمبعوث أممى إلى «سوريا» فى ظروفها الصعبة وشلالات الدم المتدفق على أرضها العربية، والمعروف أن الدبلوماسى المخضرم الأخضر الإبراهيمى كان دائماً من أبرز المرشحين لمنصب أمين عام جامعة الدول العربية وما زلت أتذكر ما حدث ذات مساء من أواخر عام 1989 عندما كنت أعمل فى مؤسسة الرئاسة المصرية حيث زارنى فى مكتبى سفير الجزائر فى القاهرة وأظنه كان السيد- عبدالحميد العجالى وقال لى إن بلاده تهنئ مصر بعودة جامعة الدول العربية إلى مقرها الطبيعى وفقاً لميثاقها وأنهم يستمزجون «القاهرة» الرأى فى ترشيح الجزائر لدبلوماسى معروف هو الأخضر الإبراهيمى أمينا عاماً لجامعة الدول العربية.
وأضاف السفير أن الرجل جزائرى ومصرى أيضاً ويعرف كواليس الحياة القاهرية ودروبها وهو محسوب على مصر مثلما هو محسوب على الجزائر كما أن السيدة الفاضلة قرينته تعتبر شبه مصرية بسبب السنوات التى قضياها فى عاصمة «المعز»، والمعروف أن «الجزائر» كانت تطالب دائماً باكتفاء مصر بمقر الجامعة لديها دون التمسك بمنصب الأمين العام لها خصوصاً أن ميثاق الجامعة لم يحدد جنسية المسؤول الأول فيها، وعندما اتصلت بالرئيس السابق مبارك فى ذلك المساء وأبلغته برسالة الجزائر حول ترشيح السيد الأخضر للمنصب العربى الرفيع قال «لا أخضر ولا أحمر!!
سأرشح الدكتور أحمد عصمت عبدالمجيد- وزير الخارجية حينذاك- للمنصب» وطلب من السكرتارية الخاصة تحويله إليه هاتفياً ليقدم أوراق ترشيحه للجامعة فى اليوم التالى، إنه «الأخضر الإبراهيمى» الذى يتولى حالياً واحدة من المهام الصعبة فى التاريخ العربى الحديث وهى أن يكون مبعوثاً للأمم المتحدة إلى «سوريا» فى ظروفها الدامية التى يمر بها ذلك الشعب العربى الأبى، وقد دعا السيد الأخضر الإبراهيمى أثناء مروره بالقاهرة فى طريقه إلى دمشق مجموعة من المثقفين والسياسيين ليتشاور معهم ويسمع منهم وكنت من بين أولئك الذين استشعروا صعوبة مهمته وتداخل أطرافها بشكل معقد للغاية، وقد جمعتنى بالسيد الأخضر مائدة غذاء منذ شهور فى منزل صديقه الراحل الكاتب الكبير أحمد بهاء الدين- حيث استضافتنا السيدة الفاضلة قرينة الصحفى العظيم وابنه اللامع د. زياد بهاء الدين- ولاحظت يومها أن السيد الأخضر يحتفظ بدائرة واسعة من الأصدقاء فى مصر من أمثال أحمد بهاء الدين ومحمد حسنين هيكل ومحمد سيد أحمد ولطفى الخولى وجميل مطر ومنهم من مضى إلى رحاب ربه ومنهم من ندعو له بطول العمر..
تحية لذلك الدبلوماسى العربى ورجل الأزمات وابن الجزائر المحترم الذى سعى إليه «البيت الهاشمى فى الأردن» بمصاهرة ملكية تقديراً لقيمته واحتراماً لمكانته واعتزازاً بأسرته.. إنه الأخضر الإبراهيمى صاحب الاسم الدولى والقومى على امتداد العقود الخمسة الأخيرة.
جريدة المصري اليوم
3 أكتوبر 2012
https://www.almasryalyoum.com/news/details/190747