بدأ حياته ضابطًا للشرطة وعاش فترة من مطلع شبابه فى «تفتيش الخزان»، عندما كانت تلك الأراضى الزراعية مملوكة لـ«عمر باشا طوسون» أحد أبرز أقطاب الأسرة العلوية فى عهد الملكين «فؤاد» و«فاروق» حيث كانت محافظتا البحيرة وكفر الشيخ تستأثران بمساحات واسعة من ممتلكات عائلة «محمد على»، ويعتبر «سعد الدين وهبة» فى تاريخنا الثقافى والسياسى شخصية متعددة الجوانب فهو واحد من أبرز كتاب المسرح فى العقود الأخيرة، وهو أيضًا واحد من مؤسسى هيئة «الثقافة الجماهيرية» وأبرز رؤسائها وهو سياسى يتقدم طليعة المثقفين فى عصره، بالإضافة إلى دوره النقابى والمهنى فى مجالى الفنون والآداب، وقد اقترن «سعد الدين وهبة» بسيدة المسرح العربى «سميحة أيوب» حتى أصبح هذان الزوجان مركز ثقل واضح فى الحياة العامة المصرية.
ولقد ربطتنى بصاحب «سكة السلامة» و«السبنسة» صلة وثيقة ورابطة قوية، فقد كنت معجبًا بتعددية جوانب شخصيته وكان هو يثق فى قدراتى كثيرًا ويلجأ إلى عندما يعوزه رأى الصديق ومشورة الأخ، حتى إننى كتبت له مقدمة لواحد من آخر كتبه وهو (من مفكرتى) بناءً على طلبه الذى لم أتردد فى تلبيته إيمانًا منى بقدره واعترافًا بمكانته، ولقد دخل «سعد الدين وهبة» فى صراعات نقابية داخل الوسط الفنى لم تكن خالية من طابع سياسى، لذلك تعاملت معه كثيرًا من موقعى فى مؤسسة الرئاسة خلال ثمانينيات القرن الماضى وعاصرت معه أزمة المواجهة بين الفنانين والدولة حول مشروع أحد القوانين المنظمة لنشاطهم، وأتذكر أنه قال لى ذات يوم «أنت تعلم أنه لا يهمنى (ذهب المعز) ولا يرهبنى «سيفه»، ولكننى أتخذ موقفى من قناعة أؤمن بها»
وقد كان له ما أراد، ولقد عرفت من أحاديثنا سويًا أن علاقته بالرئيس الراحل «أنور السادات» قد تأرجحت صعودًا وهبوطًا عبر تاريخهما المشترك، فقد كان يعرف كل منهما الآخر منذ مطلع الخمسينيات من القرن العشرين ولم يكن «السادات» يثق كثيرًا فى ولائه له، ولكن تلك النظرة تحولت إيجابيًا بالتدريج فى سنوات حكم الرئيس الراحل، ولست أشك فى أن اقتران «سعد الدين وهبة» بسيدة المسرح العربى قد أضاف إلى صورته العامة بعدًا اجتماعيًا متميزًا زاد من صلاته بالوسط الفنى على نحو واضح، ويرجع الفضل لـ«سعد الدين وهبة» فى إعطاء «الثقافة الجماهيرية» دورها ومكانتها حتى رشَّحته الشائعات عدة مرات لمنصب «وزير الثقافة»، وقصور الثقافة بالمناسبة هى مدارس ناجحة لتخريج الكوادر الثقافية الرفيعة، ويكفى أن نتذكر أن الوزير اللامع «فاروق حسنى» قد ارتبط فى بدايات ظهوره بـ«قصر ثقافة الأنفوشى» بالإسكندرية، ولست أشك كذلك أن لديه هو الآخر ذكريات مع «سعد الدين وهبة» تلك الشخصية المثيرة للجدل والتى اختلفت حولها الآراء بين محبٍ له ومتحمس لتاريخه وبين حاقد عليه متحفظ على إنجازاته، وعندما التقيت بالسيدة «سميحة أيوب» لقاءً طويلاً فى معرض «فرانكفورت» للكتاب منذ عدة سنوات كان لى معها حديث طويل عن «سعد الدين وهبة» السياسى والأديب والفنان والصديق والزوج والإنسان، رحمه الله فى دار البقاء، بعدما أفنى حياته فى دار الشقاء.
جريدة المصري اليوم
30 ديسمبر 2010
https://www.almasryalyoum.com/news/details/50949