هناك شخصيات تثير دهشتى وتستدعى فضولى وتشعرنى بقدر كبير من الرضا والاحترام، ولعل النائب البرلمانى «حمدى الطحان» نموذج لذلك، فقد كنت من ركاب «مصر للطيران» وهو «كابتن الطائرة»، الذى يتعامل مع الطرز المتقدمة فى الطيران الحديث، وهو أيضًا ابن القرية الفلاح الجاد الذى ينتمى إلى عائلة عرفت معظم التيارات السياسية، إنه يستطيع أن يجمع فى يوم واحد بين التحليق فى سماوات الدنيا طائرًا والجلوس على «المصطبة» فى دوار العائلة متحدثًا، وهو يبدو فى الحالتين متجانسًا تمامًا مع الوضعين معًا، وهذا فى ظنى إبداع إنسانى يستحق التأمل، فقدرة «حمدى الطحان» على التكيف مع أدواره المتعددة شىءٌ لافت للنظر، فهو «كابتن الطائرة»، وهو «زعيم القرية» وهو «البرلمانى» الذى لا يشق له غبار، وهو «الوطنى» حتى النخاع، فإذا ما دخلت معه فى مبارزةٍ فى الشعر العربى والثقافة الإسلامية والوعى بتاريخ مصر الحديث، فأنت أمام شخصية موسوعية متعددة المواهب مختلفة الأدوار، يعيب عليه خصومه انفعاله الشديد إذا تحدث، وذلك فى ظنى نتيجة طبيعية لإيمانه العميق بالقضية التى يدافع عنها وحماسه الشديد لمصلحة من يمثلهم من بسطاء الناس وجموع المعذبين فى الأرض.
إننى أكتب اليوم عن «حمدى الطحان»، وقد اتخذ قراره بألا يخوض الانتخابات البرلمانية عن دائرته «كوم حمادة»، وهى أحد مراكز محافظة «البحيرة» التى تتميز بارتفاع نسبة المتعلمين فيها حتى إن بعض عائلات «خربتها» و«كفر بولين» وغيرهما من قرى المركز كانت تعاير العائلات الأخرى بأن أبناءهم يحملون مؤهلاً جامعيًا فقط، وليس لديهم عدد مماثل من حملة الدكتوراه!
ولقد انعكس ذلك كله على نوعية من خرجوا من تلك المنطقة فى جميع التخصصات والمجالات وكان «حمدى الطحان» بتعدديته وتنوع قدراته واختلاف خبراته، نموذجًا رائدًا لواحد من أبناء مصر الذين عشقوا ترابها وخرجوا من طينها، ومازلت أتذكر فى بداية الدورة البرلمانية السابقة عندما كان اسمه يتأرجح بين رئاسة لجنتى «الزراعة والرى»، لأنه فلاح يعبر عن ريف مصر أصدق تعبير ولجنة «النقل»، فهو طيـارٌ خبر الأجواء وتعامل مع السحب والأنواء وطاف بعواصم الدنيا، فضلاً عن أنه نقابى عاش تجربة «رابطة الطيارين» بما لها وما عليها. إننا أمام نموذج يؤكد أن المصرى قادرٌ على أن يترك بصمته فى كل مكان إذا صدقت عزيمته وخلصت نواياه.
إننى أظن أنى لا أكتب عن صديق بقدر ما أكتب عن نموذج رأيته يحاور المحافظين ويناقش الوزراء قوى الحجة دامغ البرهان، له صداقات يعتز بها ويحرص عليها، وربما كان المهندس «أحمد الليثى»، وزير الزراعة السابق، محافظ البحيرة الأسبق، هو أحد رموزها لأنه صاحب نظرية واضحة فى مفهوم الاستقلال الغذائى وزراعة القمح، وذلك اجتهاد وطنى يذكر للوزير «الليثى»، لذلك كانت صداقته بـ«الطحان» أمرًا نعتز به جميعًا «فالطيور على أشكالها تقع».
.. إليك أيها الصديق- المفكر النابه «حمدى الطحان»- دعوة بألا يتوقف عطاؤك، وأن يستمر دورك فلا يزال لدى أمل فى أن أراك فى مجلس الشعب الجديد!
جريدة المصري اليوم
11 نوفمبر 2010
https://www.almasryalyoum.com/news/details/202480