هو الزعيم الكردى العراقى المعروف الذى خاض سنوات النضال الطويلة من أجل قضية قوميته الكردية التى تعرضت لبطش نظام الرئيس العراقى الأسبق «صدام حسين»، حيث بلغت ذروة المأساة فى «حلبجة» باستخدام الأسلحة الكيماوية التى حمل لقبها أخو «صدام» غير الشقيق، الذى أعدم هو الآخر مؤخرًا، والسيد «جلال طالبانى» الذى كان يتنافس على زعامة الأكراد العراقيين مع الملا «مصطفى البرزانى» وأولاده من بعده هو الذى اختار دائمًا أن يكون صوتًا للقضية الكردية فى الخارج يطوف بالعواصم ويوثق العلاقات، خصوصًا مع «الولايات المتحدة الأمريكية» ولقد وجد الرجل دائمًا دعمًا معنويًا من مصر بدأ منذ عهد الرئيس الراحل «عبدالناصر» عندما كان يسعى إلى القاهرة أتباع «البرزانى» و«طالبانى» فى ذات الوقت، والسيد «جلال طالبانى» كما هو معروف هو رئيس جمهورية العراق حاليًا ويتمتع حتى الآن بقبولٍ عام برغم الانقسامات الطائفية والعرقية فى بلاده، ولقد جمعتنى بالسيد «جلال طالبانى» مناسباتٌ كثيرة واشتركنا فى حواراتٍ على الهواء من خلال «الفضائيات»، وعندما زار «القاهرة» رئيسا لجمهورية «العراق» استقبلنى فى الفندق الذى يقيم فيه بترحيب شديد ومحبة زائدة وظل يقص علىَّ نوادر زياراته السابقة لمصر وحبه لها وتعلقه بها منذ سنوات العصر الناصرى، وأضاف أن «القاهرة» كانت دائمًا ظهيرًا عادلاً لقضيتهم وظل يردد الأشعار التى تتغنى بحب «مصر»، فقلت له إن أمير شعراء العرب «أحمد شوقى» من أصول كردية، كما أن مفكر العرب الكبير «عباس محمود العقاد» هو من أصول كردية أيضًا، فأضاف وقبلهما «صلاح الدين الأيوبى» محرر «القدس» هو ابن القومية الكردية المسلمة،
وذكّرت الرئيس العراقى بأن أول صحيفة كردية ظهرت فى العالم كانت من «القاهرة» فى النصف الثانى من القرن التاسع عشر، واتصلت بينى وبين الرئيس العراقى حبال المودة والاحترام، وأنا أزعم أن موقفه من العروبة إيجابى للغاية حتى إن المرء لا يكاد يكتشف كرديته إلا إذا قال له ذلك من يعرفه، ولقد تأثرت كثيرًا بموقفه الإنسانى عندما رفض التصديق على إعدام الرئيس العراقى الأسبق «صدام حسين» رغم جرائمه ضد الأكراد وترك تلك المهمة لرئيس الوزراء «نورى المالكى» حتى لا يخلق ثأرًا جديدًا بين «الأكراد» و«السنة» فى «العراق»، وكثيرًا ما أرسلت إليه تحياتى مع الصديق العزيز «هوشيار زيبارى»، وزير خارجية العراق، وهو كردى أيضًا، وبالمناسبة، فإننى أعتز بعلاقتى بوزير الخارجية العراقى الذى التقيته فى الشهور الأخيرة مرتين: الأولى فى «واشنطن» والثانية فى قمة «سرت» العربية.
إن الرئيس العراقى - الذى تشير معظم الاحتمالات إلى تجديد انتخابه رئيسًا للعراق - فى ظل المحاصصة الطائفية والعرقية الحالية هو «كردى» الأصل ولكنه عربى الثقافة عروبى التوجه، والذين يقلقون على عروبة «العراق» إنما تشخص أبصارهم نحو «إيران» ودورها الحالى فى «العراق» وليس إلى «أكراد الشمال» الذين تبدو أوضاعهم أكثر استقراراً من الناحية السياسية وأوضح قبولاً للواقع العراقى الجديد.
ويجب أن نسجل هنا أنه برغم بعض الإشارات المكررة إلى علاقات غير معلنة بين «الأكراد» و«إسرائيل»، فإننى أزعم أن نظرة «الأكراد» إلى «القاهرة» تحمل الكثير من مظاهر الود والاحترام، كما أن القضية الكردية هى قضية ذات طابع عالمى، فالأكراد موزعون بين «العراق» و«تركيا» و«سوريا» و«إيران» و«روسيا الاتحادية»، ومع ذلك استأثرت القومية الكردية بمناصرين من أنحاء العالم ولازلت أتذكر أن زوجة الرئيس الفرنسى الراحل «فرانسوا ميتران» كانت من أشد المناصرين لهذه القضية فى العقدين الأخيرين.
و«القاهرة» التى فتحت أبوابها للأكراد عبر التاريخ تتطلع الآن إلى وحدة «العراق» وعروبته بعيونٍ قلقة وقلوب متفتحة وأمل كبير فى أن يسود الاستقرار والسلام ربوع ذلك القطر الشقيق بعد طول معاناة بدأت بالحرب ومرت بالحصار ثم وصلت إلى الاحتلال، وهذه كلها عوائد طبيعية للاستبداد السياسى والحكم الفردى والسلطة المطلقة.
جريدة المصري اليوم
8 أبريل 2010
https://www.almasryalyoum.com/news/details/202855