هو المستشار السياسى للرئيس اليمنى ورئيس الوزراء الأسبق كما كان وزيرًا للخارجية ومسؤولاً كبيرًا بالحزب الحاكم فى «صنعاء».. وتأتى قيمة هذا السياسى اليمنى الذى عرفته عن قرب من مكانته العلمية حتى أن الدكتور «أسامة الباز» قال لى ذات مرة إن الدكتور «عبدالكريم الإيريانى» مرشحٌ لجوائز دولية رفيعة فى تخصصه العلمى المتصل بالزراعة واقتصادياتها، ومازلت أذكر يوم أن أمضى معنا ذلك السياسى اليمنى البارز ليلة ميلاد القرن الحادى والعشرين فوق «هضبة الأهرام»، حيث سعى لحضور تلك المناسبة التاريخية فى ذلك المكان الفريد ليكون هذا المسعى انعكاسًا لثقافته الرفيعة وعلمه الغزير،
ولقد جمعتنى به مناسبات عديدة وصلاتٌ طيبة وأحاديث أعتز بها دائمًا، فهو ينتمى إلى بيتٍ يمنىٍ عريق، ويحمل على كاهله جزءًا من هموم وطنه، بل أمته كلها. واليمن بالمناسبة فيه شعبٌ معطاء، تربطنى بعدد من قياداته صداقاتٌ عميقة، بدءًا من الدكتور «عبدالرحمن البيضانى»، أول نائبٍ لأول رئيس لجمهورية «اليمن» بعد الثورة مرورًا بالدكتور «محسن العينى» والدكتور «حسن مكى» وكلاهما تولى موقع رئاسة الحكومة اليمنية فى فتراتٍ مختلفة، ولقد تزاملت مع الأخير عندما كان سفيرًا لبلاده فى العاصمة النمساوية، كما أننى عرفت السيد «محمد سالم باسندوه».. وغيرهم من أقطاب اليمن، شماله وجنوبه، وعرفت فيهم جميعًا الخصال الحميدة والثقافة العميقة وعشق الشعر وحب الأدب.. والذين أطلقوا على ذلك البلد العريق اسم «اليمن السعيد» لم يكونوا يتندرون بل كانوا يقرأون التاريخ جيداًَ منذ حضارة «سبأ» وعرش «بلقيس»، وصدق من قال «إن الحكمة يمانية» وإنها «صنعاء وإن طال السفر».
ورغم أن هذا البلد يعانى حاليًا استهدافًا دوليًا وإقليميًا، فإن ذلك الشعب شديد المراس سوف يكون قادرًا على تجاوز المحن والأزمات، ولقد أطل علينا الدكتور «عبدالكريم الإيريانى» من خلال شاشات التلفزة وهو يقدم الشروط اليمنية الرسمية لوقف القتال مع «الحوثيين»، فالرجل يمثل فى ضمير وطنه واحدًا من ألمع رجاله وأكثرهم كفاءة، وكلما اتصلت به تجددت أسباب المعرفة ومناسبات الحوار ووجدتنى أمام عقلية مضيئة لرجل يعرف ما يدور حوله.. وعندما تعرض «د.عبدالكريم الإيريانى» لمحنة صحية استأثر أحد مستشفيات «القاهرة» بجزء من علاجه فيه ودعونا له جميعًا بالصحة، اعتزازاً بشخصه وتقديراً لمكانته، ولابد أن أعترف هنا بأن الشعب «اليمنى» من أكثر الشعوب العربية تقديراً للدور المصرى وعرفانًا بدعم الرئيس الراحل «عبدالناصر» للثورة اليمنية،
ولقد شاهدت شخصياً فى العاصمة «صنعاء» كيف أن النصب التذكارى لشهداء «مصر» لا يقل عن النصب التذكارى لشهداء «اليمن» فى مجاملة يمنية لا تخفى على أحد، ولقد وصلتنى فى السنوات الأخيرة كتب متميزة من بعض الأصدقاء من الشخصيات القيادية فى تاريخ اليمن الحديث أذكر منهم الدكتور «عبدالرحمن البيضانى» والدكتور «محسن العينى»، ولقد بهرنى فيما يكتب اليمنيون ذلك القدر من الموضوعية والصدق وإعطاء مصر الناصرية حقها فى تجرد وتوازن.
ولسوف تبقى صلتى بالدكتور «عبدالكريم الإيريانى» بعداً قوميًا أحافظ عليه، ورؤية إنسانية أعتز بها، داعياً لليمن أن يخرج من عثرته وأن يتجاوز محنته التى جلبها عليه موقعه الاستراتيجى الفريد ومكونات شعبه الشقيق.
جريدة المصري اليوم
18 فبراير 2010
https://www.almasryalyoum.com/news/details/196528