هناك مقالات تشد الانتباه وتستأثر بالاهتمام، وأشير هنا تحديدًا إلى بعض مقالات جرى نشرها فى جريدة «المصرى اليوم» خلال هذا الأسبوع، وقد كان أكثرها تأثيرًا ذلك المقال الذى كتبه عالم الاجتماع المصرى د. «سعد الدين إبراهيم» بفروسية وموضوعية، مطالبًا برد الاعتبار للرئيس الأسبق «محمد حسنى مبارك»، وقد عادت بى الذاكرة إلى أحد أيام الصيف فى مطلع هذا القرن عندما كنت أحضر حفل زفاف ابن صديق لى هو المهندس «إبراهيم المعلم»، صاحب «دار الشروق»، إذ تحدثت إلى هاتفيًا السيدة «باربرا» قرينة د. «سعد الدين إبراهيم» وهى منزعجة حيث قالت لى إنها تريد الاستفسار عن مصيره بعد أن جرى توقيفه منذ ساعتين فقط، وهى المواطنة الأمريكية التى تريد أن تعرف ما الذى يجرى لزوجها مؤسس دار «ابن خلدون» الفكرية والثقافية، حيث كنت أنا ونخبة من كبار الشخصيات أعضاء فى مجلس أمنائها، فهدأت من روعها وبدأت أستطلع الأمر، فلم أجد إجابات شافية كالعهد بكل حالة اعتقال أو حبس فى أيامها الأولى، ثم عرفنا بعد ذلك أن د. «سعد الدين إبراهيم» يواجه تهمًا ثقيلة أكبرها التواصل مع جهات أجنبية حول شؤون داخلية، وأصغرها تبديد بعض الأموال من مشروع ثقافى لشاعرة عربية كبيرة، وقد اهتز المناخ العام فى مصر لذلك الحدث الجلل من منظور رد الفعل، حيث تسابقت الأقلام فى الخارج دفاعًا عن مفكر عربى معروف ومشهود له باتساع المعرفة وشجاعة الرأى، وكان من الطبيعى أن تكون «الولايات المتحدة الأمريكية»- البلد الذى تخرج فيها وتزوج منها- هى أكثرها استجابة للدفاع عنه والمطالبة بإطلاق صراحه حتى إن الرئيس الأمريكى «جورج دبليو بوش» قد أرسل خطابه فى هذا الشأن قائلًا لـ«مبارك» «السيد الرئيس» بدلًا من عبارة «عزيزى حسنى» التى كان يبدأ بها خطاباته من قبل وكأنما يريد إسقاط مظاهر المودة وعبارات الصداقة تعبيرًا عن غضبه وتضامنه مع الكاتب الأسير، وقد خرج «سعد الدين إبراهيم» بعد سنوات وهو فى الحالة الجسدية التى نراه عليها الآن ولكن توهجه الفكرى وتألقه العقلى لايزالان كما يريدهما كل متعاطف مع تاريخه ومتضامن مع علمه، ولا أدعى أننى أتفق معه فى كل ما قال أو كتب أو فعل، لكننى أحمل له تعاطفًا عن بعد على نحو لم يبرح ضميرى أبدًا، وها هو اليوم يسجل نقطة مضيئة فى حياته بمقاله عن الرئيس الأسبق- بما له وما عليه- مطالبًا برد الاعتبار إليه وهو يمخر عباب التسعينيات من عمره بعد معاناة لم يعرفها غيره من حكام مصر فلولا صلابته الذهنية ومتانته البدنية والتزامه العسكرى وانضباطه الشخصى ما تحمل كل ما جرى ولكنه- وهو الطيار الجسور- ظل حريصًا على سلامة وطنه ومكانة جيش بلاده، وقد تطلع «سعد الدين إبراهيم» إلى رئيس الدولة الحالى- صاحب الإنجازات غير المسبوقة وابن الوطنية المصرية البار عبدالفتاح السيسى- لكى يشاركه الرأى فى التماس الترفق بالرئيس الأسبق- دون مساس بأحكام القضاء- خصوصًا أن «مبارك» فى النهاية هو ابن العسكرية المصرية صاحبة البطولات المشهودة والتاريخ المجيد، أما المقال الثانى فهو آخر مقالات المفكر المبدع «مفيد فوزى» والتى تتسم بالصراحة والشجاعة والحس الوطنى مع الانحياز للطبقات الأكثر عددًا والأشد فقرًا، فقد وجه صديقى «مفيد فوزى» رسالته إلى رئيس الدولة أيضًا بعنوان «مقال حر فى بلد حر»، حيث أبدى ذلك الكاتب المخضرم خطورة غياب إبراز إنجازات البلد حاليًا على الشاشات التى تنقصها الحرفية والمهنية العالية على حد تعبيره.. تحية له وهو يتوج تاريخه الطويل بمواقف تستحق التقدير والاحترام، أما مقال الأستاذ الدكتور «حسام بدراوى» فى «المصرى اليوم» هذا الأسبوع أيضًا فهو يحرك المياه الراكدة ويثير التساؤلات ويحرض على التفكير- سواء من يتفقون معه أو يختلفون حوله- خصوصًا أن صاحبه له تاريخ سياسى معروف مع خبرة فى مجالى التعليم والصحة.. هذه مقالات لفتت نظرى ودعتنى للتعليق عليها، خصوصًا أن «المصرى اليوم» أعادت أيضًا نشر ما كتبه السيد «عمرو موسى» فى «الشرق الأوسط» بعنوان «نداء إلى من يهمه الأمر.. أى إلى كل العرب»، إذ يدق الناقوس محذرًا من تغيير الوضعية القانونية لـ«الجولان» وفصلها عن «سوريا» وعندما يأتى المقال من خبير دولى فى الشؤون العربية بحجم الأمين العام الأسبق لجامعتها فإنه لابد أن نستمع إليه بجدية وانتباه.
أقول فى النهاية إننى استمعت إلى أصداء تلك المقالات المهمة بشغف شديد واهتمام دائب وهى فى ظنى رسائل موجهة إلى رئيس كل المصريين- مهما اختلفت آراؤهم واجتهاداتهم- بطل يوليو 2013 «عبدالفتاح السيسي».
جريدة المصري اليوم
https://www.almasryalyoum.com/news/details/1358051