عندما انطلقت الرصاصات التي أودت بحياة الملك عبدالله ملك الأردن في المسجد الأقصي عام1951 أمام حفيده الحسين بن طلال كانت تلك الرصاصات هي بداية النضوج المبكر للشاب الذي شاءت الأقدار أن يكون أبرز ملوك الأسرة الهاشمية, وأطولها بقاء علي العرش في تاريخها كله, اذ يظل الملك حسين ـ الذي يصارع المرض في شجاعة, ويخوض معه معركة باسلة من أجل البقاء ـ علامة بارزة في تاريخ سياسات الشرق الأوسط خلال النصف قرن الأخير, فقد واجه الملك أعتي الأعاصير, وأشد الأنواء, ولكنه ظل دائما صاحب سياسة واقعية ورؤية عملية, محافظا علي توازن دقيق لمملكته الصغيرة ذات الموقع الجغرافي شديد الحساسية سياسيا وقوميا, كما انه احتفظ بخيوط رفيعة للعلاقات مع جيرانه, فضلا عن قدرة هائلة علي ايجاد البدائل والخروج من المآزق في ظل ظروف بالغة التعقيد, ومواقف شديدة الصعوبة, والأمر في ظني يقضي بأن نتناول موقع العاهل الأردني في اطار حركة التاريخ الاقليمي للمنطقة, ومع اكتمال العام الثالث والستين من عمره في الرابع عشر من نوفمبر الماضي, فإن الملك يظل ظاهرة فريدة في وطننا العربي تضاربت حوله الأقوال, واختلفت في تقييمه الآراء, ولكنه ظل دائما موضع اهتمام من كل الذين تابعوا سياسته, وعايشوا حكمه, والملك يثير في ذهننا عددا من الملاحظات نري انه من الممكن ايجازها فيما يلي:
أولا: إن الملك هو سليل بيت شريف آلت اليه إمارة مكة مع نهايات القرن الماضي ولعب جده الأكبر دورا تاريخيا حافلا في قيادة الثورة العربية الكبري أثناء الحرب العالمية الأولي للخلاص من حكم الأتراك لحساب وعود بريطانية بالاستقلال والسيادة في الحجاز وشمال الجزيرة العربية ـ في ظل سياسة الاتفاق الودي بين بريطانيا وفرنسا في مطلع هذا القرن ـ حتي خرج الهاشميون من الحجاز ونودي بفيصل الأول ابن الشريف حسين ملكا علي سوريا في مشهد تاريخي معروف عندما استقبل الدمشقيون الملك الهاشمي بحفاوة بالغة في ظل اخراج بريطاني فرنسي لعب فيه لورانس العرب دورا غامضا ومؤثرا حتي تولي فيصل الأول حكم العراق ثم تلاه الملك غازي الي أن أنهت ثورة يوليو( تموز)1958 آخر مظاهر الوجود الهاشمي في العراق بعد شهور قليلة من قيام الاتحاد العربي بين الأردن والعراق حين خرجت الجماهير في شوارع بغداد تنكل بالملك الصغير فيصل الثاني والأمير عبدالاله الوصي علي عرشه ونوري السعيد عراب السياسات الاستعمارية والاحلاف المشبوهة في المنطقة, ولكن ابن العم الصامد في عمان استطاع أن يخرج من ذلك الصراع سليما برغم عمق الجراح وانهيار الركن الكبير للحكم الهاشمي, وبقي في مملكته التي بدأت إمارة صغيرة تمثل فاصلا بين الجزيرة العربية والشام لارضاء الأمير عبدالله ابن الشريف حسين والذي استطاع هو الآخر بقدرات غير مسبوقة أن يحيل الامارة الي مملكة, وأن يجعل من عمان مركز اهتمام للسياسات الاقليمية.
ثانيا: لقد تولي الحسين بن طلال العرش في ظل ظروف غير طبيعية, فقد تخلص البريطانيون من أبيه وريث العرش بدعوي اختلال قواه العقلية ليقضي بقية سنوات عمره في إحدي المصحات بتركيا وجيء بعمه وصيا علي العرش لفترة قصيرة حتي تولي الملك الصغير مسئولياته الكبار في ظل جيش يخضع للتدريب الأجنبي بقيادة الجنرال جلوب الذي أطاح به الملك في فورة قومية طارئة بعد توليه العرش بسنوات قليلة, وهو أيضا الملك الذي تلقي تعليمه العسكري في احدي الكليات البريطانية بعد ان انهي دراسته في كلية فيكتريا بالاسكندرية, لذلك ظلت نظرته دائما ولسنوات طويلة تدور حول احساس عميق بقيمة مصر اقليميا, وتأثير بريطانيا دوليا, حتي استطاعت الولايات المتحدة الأمريكية بعد حرب السويس وراثة الدور البريطاني في المنطقة, وضم كل حلفاء لندن القدامي لكي يكونوا حلفاء جدد لواشنطن في ظل تزايد تأثير السياسة التوسعية العدوانية لاسرائيل علي مجريات الأمور في الشرق الأوسط.
ثالثا: لقد تمكن الملك من التعامل مع الحقبة الناصرية بصعوبة بالغة, فقد كان الملك يحرك الخيوط المتوترة والحبال المشدودة في ظل مد قومي كاسح قادته الحركة الناصرية في الخمسينيات والستينيات من هذا القرن, واستطاع الملك ببراعته المعتادة ان يحافظ علي بقائه واستمرار ملكه في وقت كان عبدالناصر فيه هو الملك الوحيد تقريبا لمشاعر الشارع العربي كله, وهنا يجب أن نعترف بأن الملك قد أوتي الحكمة والقدرة علي التوازن والتعايش مع المتغيرات, واستيعاب الظروف الطارئة, وامتصاص الخبطات القوية, وابتلاع المواقف الصعبة, فقد بدا للمراقبين في نهاية الخمسينيات وفي النصف الأول من الستينيات كما لو ان عرشه يسبح في الهواء في ظل دعاية ناصرية قوية تعتمد علي اذاعات مؤثرة تمكنت عن بعد من خلق الثورات واقتلاع الانظمة, حتي برزت علي ساحة المعارضة الاردنية شخصيات قومية لأسماء من مثل الريماوي والتل وغيرهما, ولكن العاهل الأردني الذي وعي الدرس جيدا, كان علي قدر كبير من الحذر والحيطة جعلته يعتمد علي ولاء جيشه, والاخلاص المطلق لحرس البادية الذي يحيط به, فضلا عن قدرة واضحة علي استخدام العلاقات الدولية لصالحه, واللعب علي القوي الاقليمية لخدمة أهدافه, فهو حين يريد أن يغازل عبدالناصر فإن رجلا مثل بهجت التلهوني يتولي رئاسة الحكومة الاردنية, وحين يريد الابتعاد واظهار نوع من الخلاف الواضح فلا بأس من رجل مثل سمير الرفاعي في ذلك الموقع, وهو حين يريد أن يقترب من دمشق فإن زيد الرفاعي يكون هو الشخص المناسب, واذا أراد أن يظهر وجها مختلفا للأردن تبدو فيه قبضة النظام شديدة فلا مانع من شخصية مثل مضر بدران, وهكذا فإن الملك استطاع دائما أن يوظف التغييرات الوزارية لصالح ملكه حتي وان غابت الديمقراطية الكاملة, برغم حرصه الدائم علي أن يبدو حكمه نموذجا اهل للملكية الدستورية.
رابعا: إن ملكا هاشميا يحكم بلدا بأغلبية من أصول فلسطينية يحتاج دائما الي قدر من القبول العام يسمح له بقيادة الأمور وتحريك المواقف, وهو ما تحقق للملك حسين, ولن ننسي المواجهة بين الملك ومنظمة التحرير الفلسطينية والمسماه بأحداث الجرش أو أيلول الأسود عام1970 وهي تلك المواجهة التي رحل عن عالمنا في غمارها الرئيس عبدالناصر بعد جهود مضنية لايجاد نوع من المصالحة أو صيغة للتعايش الفلسطيني في الاردن في وقت كان فيه الرئيس الباكستاني الراحل الجنرال ضياء الحق واحدا من مستشاري الملك حيث كان هو قائد القوة العسكرية الباكستانية الموجودة في الأردن, وواقع الأمر ان العلاقة بين الملك والفلسطينيين هي علاقة من نوع خاص, فقد استطاع الملك أن يحتفظ فيها دائما بهامش من حرية الحركة في التعامل معهم مع ان سياق الامور كان يمكن أن يوحي بغير ذلك لأسباب تتصل بالتداخل السكاني والامتزاج الكامل بين عناصر التواجد علي خريطة الوطن الأردني, كما ان نظرية الوطن البديل التي رفعها بعض غلاة السياسة التوسعية من متطرفي الدولة العبرية في محاولة لتصفية القضية الفلسطينية, إن هذه النظرية كانت كفيلة وحدها بنسف كل جذور التعايش بين الملك والشعب الفلسطيني, ولكن الملك استطاع دائما الحفاظ علي حد أدني من الرضا الفلسطيني في معظم الظروف.
خامسا: ان سياسة الهاشميين منذ بداية ظهورهم في مكة الي اليوم تتميز بقدر كبير من الاهتمام بالجانب الدولي دون الوقوف خلف أسوار الحاجز القومي في تحديد علاقاتهم الاقليمية, والدولية, فقد تصور الشريف حسين الجد أنه يستطيع أن يلعب علي الأوضاع الاقليمية اثناء الحرب العالمية الأولي, وبنفس المنطق برع حفيده الملك حسين في استخدام المتغيرات الدولية والتطورات الاقليمية لصالح عرشه واستمرار حكمه, ولاشك ان الملك يملك كل أدوات العصر في هذا الشأن, فهو يجيد لغة الخطاب المعاصر لا بحكم إجادة اللغة الانجليزية فقط ـ التي يتعثر فيها عدد من حكام المنطقة ـ ولكن لأنه يملك أيضا فهم أسلوب التعامل مع العقلية الغربية علي نفس الموجات, ويخاطبها بذات التردد الفكري واللهجة المتبادلة, ولقد ساعد هذا الأمر الملك في اجتياز كثير من العقبات, وكفل له الاستمرار لأكثر من خمسة وأربعين عاما علي العرش الهاشمي مجتازا أصعب الظروف واحلك اللحظات, ذلك ان الملك يملك ناصية الخطاب السياسي بشقيه الدولي والقومي.
سادسا: ان حياة الملك العائلية تعكس هي الأخري شيئا من تصوراته المرحلية لعلاقاته الدولية والعربية, فلقد كان طبيعيا ان يبدأ حياته الزوجية بالاقتران بالشريفة دينا عبدالحميد التي تنتمي الي البيت الهاشمي, ثم كانت زيجته الثانية بالسيدة البريطانية مني جاردنر في وقت اطبقت فيه علي الملك عوامل حصار محكم بسبب المد القومي الذي تزعمه عبدالناصر في أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات, وحين أراد الملك أن يزداد ارتباطا بالشعب الفلسطيني صاهر واحدا من أعرق بيوتاته بالزواج من الملكة الراحلة علياء طوقان والتي انتهت حياتها في ظروف مأساوية بحادث طائرة في منتصف السبعينيات وييومها رأينا الملك يبكي أثناء تشييع جثمانها في حزن عميق علي شريكة حياته, ثم كان اقترانه بالملكة الحالية نور الحسين التي كانت أمريكية تنحدر من أب لبناني, وهي تتحرك في مساحة واسعة للنشاط الاجتماعي والعمل الخيري وتلك أمور تبدو من مقومات الحكم في عالم اليوم, وهكذا نجد ان الملك لم يتوقف عند توظيف الرموز السياسية في بلده لخدمة أهداف حكمه وأمن دولته, ولكنه تجاوز ذلك أيضا الي تحديد علاقاته العائلية بشكل ينسجم مع ظروف بلاده ويعزز دوره السياسي فيها, ويجب أن نعترف هنا انه قد حافظ دائما علي قدر كبير من العلاقات الطيبة بكل أطراف شراكته الزوجية السابقة مهما كانت الظروف, ولعل الجانب الانساني في شخصية الملك يعتبر من الأمور التي تستحق الاهتمام, فما أكثر ما صفح عن معارضيه بل ان احدا منهم كان قد صدر عليه الحكم بالاعدام في قضية تتصل بالانقلاب علي الملك وتغيير نظام الحكم الأردني ولكن الملك العربي الهاشمي أصدر عفوا مفاجئا عنه, بل قلده أحد المناصب الوزارية بعد ذلك, ونحن نشير هنا الي تبني الملك للشيم العربية التقليدية مثل العفو عند المقدرة, والصفح عن اخطاء الغير, ولعل آخر مثال لذلك هي اطلاقه لسراح المعارض الاردني ليث شبيلات رئيس نقابة المهندسين الاردنيين والذي قاد حملة واسعة من النقد ضد السياسة الأردنية في السنوات الأخيرة بما أدي الي اعتقاله سياسيا,, فاذا الملك العربي الهاشمي هو الذي يصطحبه في سيارته من سجنه الي دار أمه, ولاشك ان مثل هذه المواقف تعطي الملك شعبية واسعة, ومكانة كبيرة لدي شعب تقوم أعرافه وتقاليده علي النسق العشائري الذي يحترم أخلاق البداوة العربية.
سابعا: لقد تميز الملك دائما بقدر كبير من عفة اللسان والقدرة علي ضبط النفس, وحتي في سنوات الهجوم الناصري الكاسح عليه, حافظ الملك علي رباطة جأشه وابتعد شخصيا عن الدخول في مواجهة مباشرة مع الزعيم العربي الكبير, بل وحاول دائما أن يفتح جسورا معه, وان يبعث باشارات ايجابية اليه,, وهو ذات الملك الذي قاد طائرته من عمان الي القاهرة قبيل بداية الأعمال العسكرية لحرب يونيو حزيران1967 معلنا تضامنه مع موقف عبدالناصر, متطلعا الي شراكة في النصر القادم مع المعركة المنتظرة! ولقد كلفته هذه الخطوة القومية فقدان الضفة الغربية بالكامل وحققت أمل اسرائيل في استدراج الأردن الي ميدان المعركة, فلكل زمان حساباته, ولكل عصر ظروفه وملابساته, واستطيع أن أزعم هنا أن الملك لم يكره عبدالناصر شخصيا وان كان قد عاني كثيرا من سياساته, ولقد كانت حفاوة الملك بالغة بالابنة الكبري للزعيم الراحل وزوجها حين ذهبا الي عمان في مهمة عمل عند منتصف السبعينيات, بل انني قد دهشت كثيرا حين وجدت ان أحد ميادين العاصمة الأردنية الذي لايبعد كثيرا عن القصر الملكي يحمل اسم الزعيم الراحل جمال عبدالناصر, ولاشك ان ارتفاع الملك فوق الخلافات والنأي بذاته عن الأحقاد قد أكسبه مكانة فريدة في الوطن العربي الذي يزخر بالخلافات ولا يخلو من الأحقاد, بل انني أسمح لنفسي في هذه النقطة بأن أزعم ان الملك قد احتفظ دائما بدرجة عالية من الحب والمودة مع الشعب المصري لأسباب تتصل بعروبته واحساسه الدائم بقيمة مصر التاريخية ومكانتها لدي امتها العربية.
ثامنا: ان علاقات الملك مع اسرائيل والتي تميزت بالاتصالات المباشرة ـ السرية ثم المعلنة ـ منذ عام1963 تعكس هي الأخري الجانب البراجماتي في شخصية الملك, وشعوره المستمر بالحصار السياسي حوله سواء كان ذلك من الجانب العربي أو الجانب الاسرائيلي, فالملك يدرك دائما ان عليه ان يبني الجسور مع الجميع, وان يفتح القنوات حوله في كل اتجاه, وفي هذه النقطة بالذات فإنني أقول ان عبارات التخوين, واتهامات العمالة تعكس في مجملها حالة من المراهقة الفكرية والتخبط السياسي عاشتها قوميات كثيرة في ظروف معينة, ولكنني أحسب هنا ان الملك الأردني قد حافظ ـ برغم كل اتصالاته المستمرة مع اسرائيل علي امتداد السنوات الخمس والثلاثين الأخيرة ـ علي حد أدني من الحقوق الفلسطينية والمباديء العربية, وظل يمثل دائما مدرسة خاصة في الاتصالات الاقليمية والعلاقات الدولية, وهنا يجب ألا ننسي ان احتكاك الهاشميين بالغرب عموما كان مبكرا ووثيقا, والملك لا يبتدع جديدا في ذلك.
تاسعا: إننا لا نكاد نعرف للملك خطأ استراتيجيا في الحسابات السياسية مثل ما عرفنا له في عملية غزو العراق للكويت ودعمه للرئيس العراقي صدام حسين بما جلبه ذلك علي الملك ومملكته من متاعب وخسائر في السنوات الأخيرة, وان كنت أري خلف الأحداث صورة أخري لتصورات الملك الذي ظلت تداعبه أحلام تتصل بالحجاز أحيانا وبالعراق أحيانا أخري, فضلا عن احساس خاص بالحرمان من ثورة الخليج التي يراها ثروة عربية بالدرجة الأولي, لذلك فقد بني الملك موقفه من غزو الكويت علي أساس واحد من احتمالين, فاذا نجح صدام وقبل العالم دوليا واقليميا تصرف الرئيس العراقي, فإن الملك يكون شريكا أساسيا في غنائم النصر في تلك الحالة, أما اذا اخفق النظام العراقي وحدث له انهيار مفاجيء فإن الملك توقع أن يكون مدعوا ـ بحكم الانتماء الهاشمي والارتباط التاريخي بالعراق ـ الي تولي زمام الأمور في بغداد بدعم دولي وقبول عربي, ولكن الرياح جاءت بغير ما اشتهت سفينة الملك, فلم يتحقق للرئيس العراقي ما أراده, كما لم يحدث انهيار مفاجيء للحكم في بغداد, وعلي ذلك فإنني لا أميل كثيرا الي اعتبار أن موقف الملك من حرب الخليج الثانية قد قام علي تحليلات سطحية أو افتراضات عمياء خصوصا وان الملك في موقفه كان يستجيب لرأي عام فلسطيني يري وقتها ان صدام حسين هو المنقذ الجديد والبطل المنتظر, كما ان علاقات الملك الخليجية قبيل غزو العراق للكويت لم تكن في أفضل مراحلها.
عاشرا: ان وجود الملك ـ الذي يمر حاليا بأزمة صحية قاسية ـ يعتبر علامة هامة للاستقرار في الشرق الأوسط, واذا كنا ندرك عن يقين ان ولي عهده الأمير الهاشمي الحسن بن طلال قد اكتسب احتراما عربيا ودوليا في كثير من المناسبات لأسباب تتصل بثقافته الرفيعة ورؤيته الذكية, إلا أن استمرار الملك مازال يمثل ركيزة هامة في سياسات الشرق الأوسط خصوصا وان الملك قد استطاع في السنوات الأخيرة أن يتجاوز الآثار السلبية لموقفه في حرب الخليج الثانية, واستعاد في سرعة ثقة الغرب والولايات المتحدة الأمريكية متوجا ذلك كله بتوقيع اتفاق وادي عربة مع اسرائيل ليسبق بذلك الفلسطينيين الذين تفاوضوا سرا في أوسلو وكأنهم بذلك يريدون أن يسبقوا الملك في مبادراته وأطروحاته, فاذا الملك ـ كالمعتاد ـ يسبق الجميع.
هذه ملامح عامة وقسمات رئيسية لشخصية الملك في اطار دراستنا حول شركاء عيد الميلاد, وهي دراسات نبتغي منها تقديم صور شخصية في إطار فكري يعالج كثيرا من شئوننا الوطنية, وهمومنا القومية, في وقت تواجه فيه المنطقة ظروفا صعبة, حيث يخوض العرب معركة ضارية من أجل الاستقرار المفقود, والسلام الغائب, والآمال الضائعة.
جريدة الأهرام
http://www.ahram.org.eg/Archive/1998/12/13/WRIT1.HTM