أكاد أقول إن نجوم الفن والحياة يحسدون الدكتور مصطفى الفقى.. نجم الثقافة المصرية الذى تتخاطفه القنوات التليفزيونية هذه الأيام.. ولقد عرفنا فى حياتنا عددًا كبيرًا من الدبلوماسيين أصبحوا نجومًا يتحدثون فى قضايا عديدة.. ولكن بلا جدال يجىء الدكتور مصطفى الفقى فى المقدمة، لأسباب عديدة، أولها أنه عاش وشارك فى كثير من الأحداث التى عاشها الجيل الحالى.. بحكم أنه «يعرف كثيرًا»، إذ كان مراقبًا لعصر عبدالناصر، و«شاهدًا» فى عصر السادات، ومشاركًا فى عصر مبارك.
ولكن أهم الأسباب أن د. الفقى من الشخصيات القليلة والنادرة التى تجيد حِرفة الكتابة، ويعرف ما يقال ومتى.. ويعرف أيضًا ما يجب ألا يقال.. مراعيًا للأمن القومى، وهو «راوية» غير تقليدى.. فكم منا من يملك المعرفة ولكنه لا يملك القدرة على الحديث عنها.. وربما هو هنا مثل أمير الشعراء- أحمد شوقى- الذى كان يختار من يلقى أشعاره فى المنتديات والمناسبات.. وميزة الفقى أنه «يعلم» ويملك المعلومة.. ولكن الأهم أنه يحسن تقديمها للناس، وتلك هى أهم ميزة يملكها الدكتور الفقى.. حتى إن له معجبين يلهثون وراء البرامج التى يتحدث فيها.
ورغم الإبداع القلمى الذى يملكه د. الفقى.. ورغم عدد الكتب التى أصدرها منذ حصل على درجة الدكتوراه من جامعة لندن عام ١٩٧٧ عن «الأقباط فى السياسة المصرية» إلا أن عشاقه يلهثون وراء ما يكتبه فى العديد من الصحف الورقية.. ولكن آخر إبداعاته- حتى الآن- هو ما أبدعته الدار المصرية اللبنانية، وهو هذا السِّفْر شديد الروعة تحت عنوان: «الرواية.. رحلة الزمان والمكان» فى شكل مذكراته.. ومشوار حياته.. وهذه المذكرات خرجت لنا هذه الأيام وسط إبداعات مذكرات كبار الساسة، مثل السياسى الداهية عمرو موسى وكتابه «كتابيه»، وآخرها «سنوات الجامعة العربية». وقبله بقليل شهادة معالى أحمد أبوالغيط عن الحرب والسلام.. وحوار العمر للدبلوماسى المبدع عبدالرؤوف الريدى.. وكذلك رحلة حياة الفنان سمير صبرى.. وكذلك كتابات الصحفى ذى البصمات محمد سلماوى.. وغير ذلك كثير.
** وتجىء مذكرات مصطفى الفقى لتضيف وتكمل وتوثق تاريخ نفس الفترة الخصبة.. التى أحسنت الدار المصرية اللبنانية تقديمها لنا فى ٥١١ صفحة فى طبعة رشيقة، مستفيدة من كاريزما الدبلوماسى المبدع مصطفى الفقى.. أليس ذلك من فوائد كورونا؟.. أنا نفسى الأكثر سعادة بكل هذه الإبداعات الورقية.. فماذا يقول الفقى.. تابعونا لتزدادوا استمتاعًا بالدكتور الفقى.
https://www.almasryalyoum.com/news/details/2246401