أعرف د. مصطفى الفقى منذ 57 عاما...، نعم سبعة وخمسون عاما، منذ أن التحقت بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية (جامعة القاهرة) في النصف الثانى من عام 1965. كنت طالبا مستجدا كما كان يقال، وكان هو رئيسا لاتحاد طلاب الكلية. وليست هذه أول مرة أكتب عن د. الفقى ..، ولكنها هذه المرة بمناسبة الأخبار التي قرأناها أمس عن اعتذاره عن عدم تجديد ولايته كمدير لمكتبة الإسكندرية لظروف صحية. حسنا…أخيرا، مصطفى الفقى بلا مناصب! ولكن الفقى في تقديرى نموذج فذ للرجال الذين يصنعون المنصب..، وليس أبدا من يصنعهم المنصب! ولكن المفارقة الغريبة هنا.. أن مصطفى الفقى نفسه لم يكن مقتنعا بذلك...، وكان دائما يحلم بمناصب لم يتولها، أو فرص ضائعة، وكان هو الذى صك اصطلاح الدور المسحور، أي ذلك الدور أو الطابق الذى يوجد في بعض البنايات ولا يتوقف فيه المصعد.. توصيفا للفرص التي تصور أنه لم يحصل عليها! ولكنى أرى مصطفى قيمة وموهبة أعلى وأغلى وأرفع من كل المناصب... حتى ولو لم يكن هو مقتنعا بذلك! غير أن مصطفى تولى فعليا عديدا من المناصب الدبلوماسية المهمة فضلا عن أنه كان سفيرا متميزا للغاية، مثلما تولى أيضا الكثير من المناصب السياسية والإدارية، كما لعب أدوارا متعددة في منظمات المجتمع المدنى المختلفة. وأتصور أنه أضاف الكثير لكل تلك المناصب والمهام. وقبل ذلك وبعده فإن مصطفى الفقى هومثقف مصري مشرف لمصر، ولجيله كله. إنه... كما قالت الوزيرة القديرة إيناس عبد الدايم بحق... احد أهم أيقونات التنوير في مصر، نعم هو كذلك وأكثر .تتبقى خصلة مصرية أصيلة خبرتها انا شخصيا أكثر من مرة في مصطفى الفقى، وهي أنه خدوم للغاية لأصدقائه ومعارفه بل ولأى إنسان يتعشم في مساعدته... على نحو مدهش يستحق الإشادة به والشكر عليه. ولم أتردد أبدا عندما كنت أواجه مشكلة في أمر ما أن أطلب معونته، فيقدمها بكل صدق وإخلاص، إن مصطفى الفقى شهم و جدع بالمعنى الدقيق للكلمة، لا يرد طلبا لسائل، ولا يتردد في معونة لمن يحتاجها، و ساعده ذهنه المتوقد وذاكرته الكمبيوترية على الوفاء بذلك كله.. تحية متجددة للأخ الأكبر العزيز مصطفى الفقى!
جريدة الأهرام
https://gate.ahram.org.eg/daily/News/861438.aspx?fbclid=IwAR1RynfOSsr4yv-coqn9LX4I5T55KY6bhgA8B645MtiEpYzpkWzAVakAjXk