يعد الأستاذ الدكتور مصطفى الفقى قامة ثقافية وموسوعية كبرى فى كل المناصب التى تولاها، وفى كل المجالات التى تناولها بالدرس والشرح والكتابة والتوضيح والبيان والتبين. وينتمى مفكرنا وكاتبنا الكبير الأستاذ الدكتور مصطفى الفقى إلى المدرسة الموسوعية التى كانت شائعة فى عصور النهضة فى الثقافة العربية الإسلامية. وكان من أبرز رموزها العلماء الكبار من أمثال ابن سينا والفارابى وابن الهيثم والخوارزمى وابن رشد وابن خلدون وغيرهم الكثيرون. فقد ساهم كاتبنا الموسوعى فى كل مجال خطه بقلمه الفذ بنصيب كبير حسده عليه الكثيرون بسبب تمكنه من فنية الكتابة وموسوعية المعلومة وروعة الأسلوب ورشاقة العبارة، أو فى أى مجال تحدث فيه، فغلبتنا دقة معلومته وروعة أسلوبه وسلاسة روايته وخفة دمه وحسن خلقه وتواضعه وحبه وخدمته ومساعدته للناس جميعًا. والحديث عن أستاذنا الجليل الأستاذ الدكتور مصطفى الفقى طويل، ولا تكفيه مقالة واحدة، ولا عدة مقالات. وما سوف أذكره هنا باختصار شديد لضيق المساحة سوف ينصب على الدور الرائع والرائد والذى قام به عالمنا البارز الأستاذ الدكتور مصطفى الفقى من إنجازات كثيرة فى مكتبة الإسكندرية.
لقد خلف الأستاذ الدكتور مصطفى الفقى العالم الجليل الأستاذ الدكتور إسماعيل سراج الدين فى إدارة مكتبة الإسكندرية العالمية، نافذة مصر على العالم ، ابتداءً من الثامن والعشرين من مايو من العام 2017 إلى تاريخ نفس اليوم فى العام الحالى 2022. وكانت رؤية ورسالة الأستاذ الدكتور مصطفى الفقى واضحة ومحددة منذ البداية، ووفقًا لتوجيهات فخامة السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى، رئيس الجمهورية ورئيس مجلس أمناء مكتبة الإسكندرية، بأن تتوجه المكتبة فى فترة الأستاذ الدكتور الفقى إلى محيطها العربى والإفريقى، بجانب توجه الدولى الرائع الذى أرسل دعائمه ببراعة المدير السابق الأستاذ الدكتور إسماعيل سراج.
لقد حقق الأستاذ الدكتور مصطفى الفقى إنجازات عديدة فى السنوات الخمس التى تولى فيها مكتبة الإسكندرية العالمية. ويصعب على المرء حصر كل الإنجازات العديدة، فلا يمكن للمرء أن ينسى الإصدارات الجميلة والرصينة والرائعة التى أصدرتها المكتبة فى عهد سيادته، ولا المؤتمرات العظيمة والندوات الرائعة والافتتاحات والإضافات والتجديدات للمراكز العلمية والأكاديمية والمتاحف والقاعات وزيادة معروضات المتاحف والقاعات والمعارض بكل ما هو جديد يثرى المكتبة، ويضيف الكثير من خدمة إلى زوارها، ونشر رسالة مكتبة الإسكندرية العالمية فى كل مكان وفى الكثير من المؤسسات الثقافية والعلمية والتعليمية فى مصر والعالم العربى والعالم الإفريقى والعالم أجمع. وكان آخر إنجاز حققه أستاذنا الفاصل الأستاذ الدكتور مصطفى الفقى هو حصول مكتبة الإسكندرية العالمية على جائزة الشيخ زايد -رحمه الله- الرائدة فى حقل الثقافة العربية والعالمية فى الفترة الحالية. وكان من بين إنجازات وفضائل وخصال الأستاذ الدكتور الفقى العديدة هى بابه المفتوح لكل من يريد أن يقابل سيادته وحل مشكلته على الفور. وكان اهتمام سيادته ينصب فى الأساس بالاهتمام بالبشر قبل الحجر، خصوصًا صغار الموظفين فى المكتبة. وذلك من أهم إنسانيات وإسهامات سيادته الجمة. ويذكر جميع العاملين والعاملات فترة سيادته بكل الحب والاحترام والتقدير والامتنان.
وفى النهاية، فإننا نشكر الأستاذ الدكتور إسماعيل سراج الدين والأستاذ الدكتور مصطفى الفقى على ما قاما به من إنجازات عظيمة وعديدة جعلت من مكتبة الإسكندرية هذا الصرح العالمى الذى نفخر به جميعًا كمصريين وعرب، ويفاخر العالم كله بوجود هذه المكتبة العالمية على أرض مصر الطاهرة العظيمة المباركة كى تواصل دورها الحضارى والتاريخى والآنى والمستقبلى فى خدمة الثقافة والمعرفة من خلال نشر الإبداع وحفظ وصون التراث، وتحقيق رسالة مصر الحضارية الخالدة عبر العصور والأماكن والحضارات والثقافات والأزمان، ومن خلال نشر قيم مصر الحضارية والإنسانية التى ساهمت فى الأخذ بيد البشرية من ظلمات الجهل وغياهب التخلف إلى مصابيح الحضارة وأنوار المعرفة ونور اليقين.
وكم كان خبرًا سعيدًا واختيارًا موفقًا للغاية أثلج صدورنا جميعًا هو اختيار مجلس أمناء مكتبة الإسكندرية العالمية للقامة الثقافية الكبيرة وعالم علماء اجتماع مصر الرائد الأستاذ الدكتور أحمد زايد، كى يكون المدير الثالث لمكتبة الإسكندرية العالمية بعد هاتين القامتين الكبيرتين الأستاذ الدكتور إسماعيل سراج والأستاذ الدكتور مصطفى الفقي. ونتمنى لسيادته كل التوفيق والنجاح فى قيادة مكتبة الإسكندرية العالمية نحو آفاق أرحب من العلم والمعرفة والتسامح والتآخى والسلام والمحبة؛ كى ينشر رسالة مصر الحضارية ورسالة مكتبة الإسكندرية العالمية منذ تأسيسها على خلفاء الإسكندر الأكبر الملوك البطالمة فى القرن الثالث قبل الميلاد، ويحقق رؤية ورسالة قيادة مصر السياسية التى تسعى لجعل من مصر قوة عظمى فى الثقافة والاقتصاد والتنمية والسلام والاستقرار والنهضة والتعاون بين الشعوب. والله الموفق والمستعان. إنه نعم المولى ونعم النصير.
جريدة الوفد
https://alwafd.news/essay/75279?m=mt&fbclid=IwAR2nfx9wcoBjnRWNA2DCYRmGEnHqtJ4XPGgtawdt2xbTC1B3Z3PiHRmBcEA